آيدين أونال - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

نسمع مؤخرا ادعاءات وإشاعات في الأوساط الغربية وحتى في تركيا تفيد بابتعاد تركيا عن الاتحاد الأوروبي وانقطاع علاقتها معه وأن سياسات أردوغان قللت من قيمة أوروبا وأبعدت تركيا عنها وعن اتحادها. كل هذه الادعاءات لا أصل لها، لكنهم يعملون بالمثل التركي القائل: "مذنب وقوي في الوقت نفسه، وقح وغبي في الوقت نفسه".

لا تبتعد تركيا عن أوروبا، بل بالعكس الاتحاد الأوروبي يبتعد مسرعًا عن تركيا، ولا تحاول تركيا قطع علاقاتها معه بل هو من يقطع علاقاته بها، وبالنسبة إلى قيم أوروبا فليست تركيا التي تقلل منها بل أوروبا هي نفسها التي تقلل من شأنها.

كانت أحداث 15 تموز/ يوليو بمثابة انقلاب على الرئيس المنتخب والمجلس البرلماني المنتخب أيضا، أي أنها كانت تستهدف الإرادة الشعبية.

مالذي كان منتظرا من أوروبا؟ هل وقفوا ضد انقلابيي أحداث 15 تموز في اللحظات الأولى؟ لا.

هل اتخذوا موقفا منددا بالانقلاب في الأيام التالية لأحداث 15 تموز؟ لا.

كما فعلوا تماما عند إسقاط الرئيس المصري مرسي، اكتفوا بالمشاهدة وببعض التصريحات السطحية، وبعدها أعلنوا موقفهم المتضامن مع الانقلابيين.

رأينا في الأيام الأخيرة تصريحاتهم ومواقفهم ضد تركيا، فنواياهم أصبحت واضحة وأقنعتهم قد سقطت تماما، والمسألة أصبحت واضحة للعيان فهم منزعجون من حرب تركيا ضد حزب العمال الكردستاني وتنظيم غولن، وليس هذا فحسب بل يدعمون الأجنحة السياسية لهذين التنظيمين علنا، بفتح المجال لهم للتحريض ضد تركيا في الميادين العامة والإعلام والصحف.

بعد أحداث 15 تموز ومواقف الاتحاد الداعمة والصريحة لتنظيمي بي كي كي وغولن، تصدعت العلاقات بينه وبين تركيا وأصبحت غير قابلة للإصلاح، فلا تقف أية دولة مكتوفة اليدين أمام هكذا هجمة صريحة تهدد أمنها واستقرارها ووحدتها.

هل من الممكن أن نستفيد من دخولنا إلى الاتحاد الأوروبي؟ هل استفدنا أو بالأحرى هل سنستفيد؟

يقولون من أجل نمو تركيا الإقتصادي وتقويتها، هل حقا تركيا بحاجة للاتحاد الأوروبي؟ هل مباحثات عضوية تركيا من أجل فتح قناة استيراد وتصدير بين تركيا والاتحاد؟ هل سيقررون إعطاء تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي وفقا للمستثمرين الدوليين أم وفق شروط أخرى؟ هل سيتأثر الاقتصاد بشكل سلبي إذا انقطعت العلاقات بين تركيا والاتحاد، أم أن الاقتصاد التركي سيتحرر من قيوده بمعاهدة الاتحاد الجمركي؟

ماذا أفاد الاتحاد الأوروبي تركيا من جهة السياسة الخارجية؟ هل حلوا أزمة اللاجئين؟ هل دعمونا في حربنا ضد بي كي كي، وتنظيم غولن وداعش؟ هل حلوا الأزمة القبرصية؟ هل أوجدوا حلا للقضية الأرمنية؟ هل توصلوا إلى حل للقضية الفلسطينية؟

أما بالنسبة إلى الديموقراطية، هل ساهم الاتحاد الأوروبي حقا بدعم الديموقراطية في تركيا؟ ألم يكن ممكنًا أن نحقق خطوات جيدة في الديموقراطية التركية دون المباحثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن عضوية تركيا؟ من ينكر أن الاتحاد الأوروبي كان يقف خلف أحداث 15 تموز وأنه كان مستاء من الديموقراطية في تركيا؟

يتكلمون عن حرية الصحافة، وهل يعطوننا درسا في حرية الصحافة وهم الذين سهلوا بثا حيا لجميل باييك من جبل قنديل ومنعوا بثًا لرئيس الجمهورية التركية؟

هل تتحدث أوروبا عن حرية الصحافة، وهم الذين اعتدوا على رئيس موقع ويكيليكس بسبب فضحه لـ"جان دوندار" المدعوم من أوروبا، بنشره لماضيه القذر في صحيفة "غارديان"؟

لا تبتعد تركيا عن أوروبا، ولم تقترب تركيا من أوروبا أصلا، وبالأحرى لم يسمحوا بتقارب تركيا من أوروبا ولا بتباعد تركيا عن أوروبا.

يتم الحديث الآن عن مصير العلاقات التركية الأوروبية، وبقطع تركيا لهذه العلاقات سوف تربح تركيا بكل تأكيد.

ملخص ما سبق أنها ليست مشكلة تركيا بل هي مشكلة أوروبا، فإما أن تبني أوروبا علاقة صادقة متساوية وإما أن تختار ما يمليه عليها ضميرها.

عن الكاتب

آيدين أونال

كاتب تركي وكبير مستشاري الرئيس التركي سابقا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس