أفق أولوطاش - صحيفة اقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

يتعرض المدنيون والمعارضة السورية لقصف شديد شرق حلب، وربما هذا الهجوم الأعنف منذ بدء التدخل الروسي في سوريا، تقوده روسيا مع الأسد وإيران، حيث تقدم طائرات الأسد والطائرات الروسية الغطاء الجوي وتقصف من الجو، فيما تتقدم عناصر جيش الأسد وميليشيات إيران برا، ويريدون بذلك القضاء على كل إنسان يتواجد في حلب دون تمييز بين مدني وعسكري.

وقد ساهم الزخم الذي نتج عن التدخل الروسي، وقيام إيران بضخ القوات العسكرية، وإعادة تشكيل وتنظيم قوات الأسد، ساهم في كسر صمود المعارضة، حيث تراجعت قوة المعارضة بصورة واضحة بعد التدخل الروسي، وذلك بعدما هاجمت المعارضة على طريقة "غروزني" دون أن تعرف حدودا أو تمييزا بين مدنيين وعسكريين، وسط قصف بالبراميل المتفجرة من قبل قوات الأسد. كما اضطرت المعارضة في ذات الوقت لمواجهة داعش وحزب العمال الكردستاني، وهذا كان يفوق قدرتها وقوتها.

لم يكن أحد يكترث بداعش سوى تركيا والمعارضة، فروسيا تقريبا لم "تلمس" داعش منذ دخولها إلى سوريا، وكذلك إيران، وتُرك موضوع مواجهة داعش لتركيا والمعارضة وقوات التحالف، وهذه الأخيرة كلما واجهت داعش كلما زادت توسع ومناطق سيطرة الأسد في سوريا.

تريد روسيا إخراج المعارضة السورية من حلب قبل جلوس ترامب على كرسي الرئاسة، ولهذا تعمل بصورة متسارعة من أجل السيطرة على حلب، لأنها تعتقد بأنّ ترامب شخصية لا يُمكن توقع ماذا يُمكن أنْ يفعل. ومع أنّ السياسة الأمريكية كانت متناقضة كثيرا حيال سوريا، إلا أنّ الثابت هو تقديم الدعم اللامحدود لحزب العمال الكردستاني، واليوم يقاتل حزب العمال الكردستاني إلى جانب الأسد ضد المعارضة من أجل السيطرة على حلب، بمعنى أنّ أمريكا تدعم الأسد عسكريا بواسطة حزب العمال الكردستاني.

لا شك أنّ أمريكا أحد الأسباب التي قادت الوضع إلى هذه المرحلة، لأنّ أمريكا سحبت دعمها المقدم للمعارضة في واقع الأمر، برغم عدم إعلانها الواضح عن ذلك، وأصبحت لا تدعم سوى حزب العمال الكردستاني ومجموعة صغيرة او اثنتين من المعارضة، واليوم تعمل أمريكا كما روسيا على دق المسمار الأخير في نعش سيطرة المعارضة على حلب، وتعتقد أمريكا بأنّ المعارضة لا يُمكن ان تتصالح مع الأسد بينما يمكن لحزب العمال الكردستاني التعايش سويا معه، وتسعى إلى اقناع روسيا بحزب العمال الكردستاني من أجل أنْ يصبح احد العناصر الهامة في الشأن السوري.

تعقيدات المشهد هذه جعلت تركيا غير قادرة على فعل شيء، وصعّب كثيرا من مهمة تركيا لشنّ حملة عسكرية مستقلة كما في درع الفرات، التي ربما تكون مفيدة جزئيا، لكن تأثيرها لن يتسع ليشمل سوريا كلها. تركيا تتواصل مع روسيا بصورة مكثفة حول حلب، لكن من الصعب أنْ تتراجع روسيا في خطواتها وسط هذا الزخم والقوة العسكرية التي وضعتها في حلب، وسيكون التحدي الأكبر على تركيا بعد سيطرة الأسد على حلب، هو محاولته التعاون مع وحدات حماية الشعب لشن هجمات على المناطق التي شملتها عملية درع الفرات التركية.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس