فخر الدين ألتون – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

هناك وجه مرئي وآخر غير مرئي للحرب التي تستهدفنا. فقد مثل الهجوم الذي واجهناه في 15 من تموز/ يوليو، إحدى المظاهر الأكثر تجسيدًا لهذه الحرب. بالإضافة إلى اعتداءاتهم الممثلة في محاولة ميدان غيزي وتدخل 17-25 من كانون الأول/ سبتمبر والهجمات الإرهابية. وفي كل مرة يحاول فيها العدو إخفاء نفسه فإن محاولاته كلها تبوء بالفشل. كما اتضح من كان وراءها، وانكشفت مخططاتهم العدوانية، وبالتالي أصبحت أبعاد التهديد متجانسة.  

وبذلك فإن تركيا تخوض حرب وجود، وهي حرب استقلال بكل ما تعنيه الكلمة. من خلال سعي أولئك الذين يحاولون محاصرة تركيا إيجاد حرب هجينة ومتكاملة ومتواصلة. واستخدامهم أساليب غير تقليدية مثل حرب الشوارع أو اللجوء إلى أساليب تقليدية مثل الانقلاب العسكري والاعتداءات الإرهابية إذا لزم الأمر.

ولكنهم باتوا على قناعة بعدم قدرتهم على نيل أي نتيجة من تلك الأساليب. وإن تمكنوا من زعزعة تركيا ولكنهم فشلوا في القضاء عليها. بل على العكس من ذلك في كل مرة تخرج أقوى من هذه الاعتداءات.

إن الأمر المؤكد بالنسبة لأعداء تركيا هو الحاجة إلى التوجيه من وراء الكواليس دون إظهار هذه الحرب القذرة التي أوجدوها.  

وبالتالي يعد الاقتصاد التركي الجبهة الرئيسية التي ستخوض هذه الحرب! وستشكل الحرب النفسية العتاد الأساسي المستخدم فيها!

نعم، هي حرب نفسية. وبالرغم من الاعتداءات غير المسبوقة خلال السنوات الأخيرة فهناك مسعى لإدخال الاقتصاد التركي المستمر بالنمو، في أزمة بتقنيات الحرب النفسية. ومحاولة خلق حالة من الرعب تتعلق بتراجع اقتصاد البلاد نحو الأسوء والقضاء على الحياة اليومية وتقسيم المجال الاجتماعي وتضييق المجال السياسي.    

بالإضافة إلى سعيهم لخلق انطباع عن دخول تركيا في أزمة اقتصادية عالمية تقريبًا بالحديث عن كيفية تأثرها بالأزمات والغموض السائد في المجال الدولي.  

ولكنهم يعلمون جيدًا أن الرئيس أردوغان قد نقل تركيا إلى موقع آخر من خلال غرس الأمل في المجتمع، وإقناع الشعب بتوجه الأمور نحو الأفضل. وإن تمكنوا من إيجاد حالة من اليأس داخل المجتمع وخلق مناخ تشاؤمي بشأن التوقعات الاقتصادية فإنهم يؤمنون بقدرتهم على تحقيق ما عجزوا عنه سابقًا في الفترة الممتدة من أحداث ميدان غيزي وحتى 15 من تموز.

ولذلك انتبهوا، لأنهم أعادوا اتخاذ أنماط تعبر عن نوايا حسنة في الوقت الحاضر.

وأكدوا على إلحاق الأسلوب السياسي لأردوغان الضرر بالاقتصاد التركي، وحاجتنا إلى سياسة اقتصادية منسجمة مع الغرب وصندوق النقد الدولي. وإشارتهم إلى الأيام القديمة الجميلة في الحقبة الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية.

في الأساس هم يقدمون النصائح لنا بشأن ضرورة عودتنا مجددًا إلى السياسة الاقتصادية المترتبطة بالغرب. ولذلك فإن تعبيرهم عن النوايا الحسنة يمثل العناصر الأكثر فائدة في الحرب النفسية على الدوام.

وهناك أمر آخر ينبغي توضيحه. من المتوقع أن نخوض صراعًا أكثرعنفًا في المرحلة القادمة. هذا وقد أكدت على هذا السبب في مقال بمجلة المعيار الصادرة هذا الشهر تحت عنوان "سيشتد الصراع، هل نحن مستعدون؟". ولكن العنصر الأساسي هنا هو تحول هذا الصراع إلى صراع دولي وما يترتب عليه من ازدياد حدة الصراع بين القوى بالخارج.

بالإضافة إلى تقسيم الغرب للهوية السياسية، وحدوث تصدع كبير في المجال الدولي نتيجة لذلك الإنقسام. ونجاح القوى السياسية الرجعية في كافة أنحاء العالم، وظهور العنصرية، وتهيئة الأرضية لحروب الهوية.

إذن ما الذي تفعله تركيا؟ إنها تهيئ الدولة والشعب لهذا الصراع الدولي. ولذلك الهدف هو قصقصة أجنحة تركيا في هذه المرحلة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس