متين غورجان - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

شهدت جهود تركيا في سباق الأقمار الصناعية متاعب على مر السنين، لكنها حصلت على دفعة بإطلاقها القمر الصناعي غوك تورك 1 الذي سيلبي احتياجات البلاد من المعلومات الاستخباراتية والعسكرية والمدنية حول العالم.

أطلق القمر غوك تورك 1 من قاعدة غويانا الفرنسية في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الجاري بوصفه مشروعا لسلاح الجو التركي، وليصير ثاني قمر صناعي عسكري نشط ، وخامس قمر صناعي تطلقه تركيا عموما. وقد أطلق القمر الصناعي غوك تورك 2 في عام 2012.

خصصت تركيا ميزانية تبلغ مليار دولار لمشاريع الأقمار الصناعية الطموحة في البلاد. تستخدم تركيا مرافق إنتاج الأقمار الصناعية التي أقامتها في منطقة كازان بأنقرة في عام 2015 باستثمارات تبلغ 112 مليون دولار، بهدف إطلاق القمرين الصناعين توركسات 5 إيه وتورك سات 5 بي في عام 2017 اللذين سيصنعان بالتعاون مع شركاء أجانب. ويتوقع إطلاق القمر الصناعي تورك سات 6 إيه الذي سينتج 100% محليا في عام 2019. تبني تركيا أيضا محطة إطلاق الأقمار الصناعية في محافظة موغلا على البحر المتوسط.

ترغب تركيا في زيادة عدد أقمارها الصناعية إلى 10 بحلول عام 2023 ، بهدف تشغيل أسطول من الأقمار الصناعية يغطي أمريكا الجنوبية وشرق أمريكا الشمالية، وأوروبا وآسيا وغرب أستراليا وأفريقيا كلها. وعندما يكتمل المشروع سيكون لتركيا اتصال مباشر مع 91% من سكان العالم بواسطة أقمارها الصناعية.

خلال حفل إطلاق القمر الصناعي غوك تورك وجه الرئيس، رجب طيب أردوغان انتقادا حادا للولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بسبب فرضها حظرا على بيع معدات عسكرية لتركيا.

قال الرئيس أردوغان: "أردنا أن نشتري من كثير من أصدقائنا في حلف الناتو طائرات بدون طيار غير مسلحة، وليست حتى طائرات مسلحة. قالوا لنا ليس اليوم. اطلبوها غدا. وكان عذرهم النهائي أن "الكونغرس لن يسمح بذلك"، ألسنا معا في حلف الناتو؟ ألسنا في نفس الجانب؟ لكن موقفهم علمنا دروسا، فنحن الآن نصنع بأنفسنا ما نحتاجه، وبثمن أرخص بكثير".

بدأت تركيا استخدام الأقمار الصناعية في عام 1986 من خلال محطات في إيران ويوغوسلافيا. ومع مشروع الأقمار الصناعية للاتصالات الذي بدأ العمل فيه عام 1994 أطلقت تركيا أول قمر صناعي تركر هو تورك سات 1 بي تبعه القمر الصناعي تورك سات 1 سي في عام 1996، ثم أطلقت القمر الصناعي تورك سات 2 إيه عام 2011.

لكن تركيا لم تتغلب بعد على نقص رئيس، هو أنها لا تملك وكالة فضاء. حاولت تركيا تكوين وكالة فضاء أربع مرات لكنها أخفقت، في عام 1990، 1995، 2000، 2011. ويبدو أن سبب الإخفاق يرجع إلى غياب التنسيق بين الحكومة والبرلمان والقيادة العسكرية، والمواجهة حول من يتولى إدارة الوكالة الجيش أو المدنيون.

وفقا للخطط الجديدة الواردة في مسودة مشروع قانون يجري إعداده ستكون وكالة الفضاء التركية على غرار وكالات الفضاء في الدول الأخرى، وستكون تحت السيطرة المدنية الكاملة، ولا علاقة لها بالسياسة وتتمتع بالاكتفاء الذاتي، وقادرة على التنسيق مع الكيانات الأخرى على أعلى المستويات. وستكون للوكالة أيضا وحدة خاصة تخطط وتنسق العمليات العسكرية وعمليات الفضاء المتعلقة بالأمن القومي. لكن مشروع القانون أجل مرة أخرى بسبب مشاكل رئيسة تتعلق بتقاسم الجيش والمدنيين للإدارة والمسؤولية. وقد يساعدنا الجدل حول الوظائف داخل الوكالة وعلاقتها بالجامعات والصناعات العسكرية والميزانية على تفسير لماذا لم تتمكن تركيا من إقامة وكالة فضاء تركية على مدى 26 عاما.

هل تكون تركيا قادرة على تحمل النفقة الهائلة لتمويل الأنشطة الفضائية؟ تخصص روسيا أكبر منفق في مجال الفضاء 0.25 من الناتج المحلي الإجمالي على عمليات الفضاء، بينما تنفق الولايات المتحدة 0.23% ، وفي الطرف الأخير من القائمة تخصص تركيا التي تأتي قبل إندونيسيا 0.1% من إجمالي الناتج المحلي على أنشطة الفضاء. وفقا لبيانات مجلة الإيكونوميست أنفقت تركيا 67 مليون دولار فقط على برامج الفضاء المدنية في عام 2013.

احتياج تركيا لسياسة للفضاء يجب أن يكون أولوية. سيكون على وكالة الفضاء التركية إقامة علاقات مثمرة وقوية في مجال التعليم والتكنولوجيا والتجارة والاقتصاد والأمن والسياسة الخارجية للبلاد، كما يجب على الوكالة أن تطور وتحافظ على علاقاتها مع الصناعات العسكرية ومنظمات المجتمع المدني. ويتوقع أيضا من وكالة الفضاء التركية أن تخطط لمشاريع وتؤمن تمويلها، لكن نظرا للوضع الاستراتيجي المعقد، فإن هذا سيستغرق مزيدا من الوقت.

ثمة سؤال آخر يتعلق بعثور تركيا على الأشخاص المؤهلين. يعمل اليوم 500 شخص في مجال الفضاء من بينهم 150 مهندسا. يجب على تركيا أن تضع خطة طويلة الأجل لتعيين الموظفين، وخطة تدريب للأنشطة الفضائية، ولاسيما أن سلاح الجو التركي الذي يقود قاطرة الأنشطة الفضائية يعاني من خسارة كبيرة لموظفيه بعد محاولة الانقلاب الساقط وما تبعها من تطهير. في أعقاب عملية التطهر فصل بعض الموظفين المؤهلين في المشاريع الفضائية، وأغلقت أكاديمية القوات الجوية، ومعهد تكنولوجيا الفضاء التي كانت المؤسة الوحيدة التي تقدم الدراسات العليا في علوم الفضاء والطيران.

عن الكاتب

متين غورجان

محلل أمني وعسكري. عمل مستشارا عسكريا في السفارة التركية في كل من أفغانستان وكازخستان وقيرغزستان فيما بين 2002-2008


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس