فخر الدين ألتون - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

أتساءل اذا لم تكن هذه حرب استقلال فما هي؟ فالقنابل التي انفجرت مساء السبت في بشكتاش ما هي إلا دليل على جهود الاستعماريين للسيطرة على تركيا. هؤلاء سلطوا حزب العمال الكردستاني، وداعش، وجماعة غولن على تركيا، ويريدون إخضاعها لهم عن طريق هذه الجماعات، لكنهم لم ينجحوا حتى الآن في الحصول على ما يريدون، وفي نفس الوقت لم يجدوا طرقا أو وسائل أخرى، وهدفهم تحويل تركيا إلى ما كانت عليه في الماضي، مجرد شرطي لهم في الشرق الأوسط.

لا داعي للذهاب بعيدا للبحث عن أسباب ذلك، فانظروا إلى المسائل والقضايا التي أشار إليها أردوغان في الفترة الأخيرة، أشار إلى النظام المالي العالمي المنهار، وإلى النظام السياسي العالمي الظالم، ويرفض هيمنة الدولار ويُطالب الاستثمار بالذهب.

تركيا تُستهدف اليوم لأنها تبحث عن الاستفادة القصوى من مصادر الطاقة المتنوعة، بما يخدم مصالحها، ولولا هذا الانفجار لذهب أردوغان إلى كازخستان من أجل التوقيع على مزيد من سياسات الطاقة الجديدة، لكنهم لا يستطيعون سوى تأجيل ذلك، ولن يمنعوه أو يحولوا دون تحقيقه.

كما أنّ تركيا كانت تتجه نحو تعديلات دستورية هامة، وفي نفس اليوم الذي حدث فيه الانفجار، تم تقديم تعديلات مكونة من 21 مادة من الدستور، تم عرضها على البرلمان، وفيها مقترحات لتشكيل نظام سياسي جديد في تركيا، ليكون أكثر سلاسة وأكثر ديمقراطية وأكثر شمولية.

وقد سعت العديد من الأطراف للحيلولة دون وصول تركيا إلى هذه المرحلة، منها حزب الشعوب الديمقراطي، الذي قال: "إذا تم تفعيل النظام الرئاسي ستُسفك المزيد من الدماء". كما أنّ رئيس حزب الشعب الجمهوري قال: "لا تستطيعون تطبيق النظام الرئاسي في هذه الدولة دون إراقة دماء، حتى لو تطلب ذلك عصيانا في كل الشوارع".

وبذلت جماعات حزب العمال الكردستاني وجماعة غولن وداعش جهودا كبيرة أيضا، وأراقت الكثير من الدماء، كما حدث مساء السبت.

تركيا التي فرضت اسمها في سوريا، وتقدمت خطوات هامة هناك، وحققت نجاحات في مواجهة حزب العمال الكردستاني وداعش، ووصلت على أعتاب الباب. تركيا التي أصرت على التحرك في الملف السوري انطلاقا من حساباتها، كانت مزعجة للكثير من الأطراف، ولهذا تحاول بؤر الشر إحاطتها وفرض حصار عليها، وتهديدها وتكبيل أياديها.

يعتقدون بأنهم من خلال هذه الأعمال الإرهابية سيقيضون تركيا، ويستخدمون سلاح الإرهاب للحيلولة دون تحقيق تقدم أكثر لتركيا في سوريا، لكن لحسن الحظ، المجتمع التركي وقف وقفة رجل واحد قبل خمسة أشهر في مواجهة انقلاب احتلالي واستعماري، وأصبح اليوم يُدرك حجم المؤامرة ويُدرك تفاصيل ما يجري وأبعاده وأسبابه، ويتحد الشعب والمجتمع كوحدة واحدة في مواجهة الإرهاب، وأصبح يملك إدراك سياسي عميق.

لن نتوقف، وسنستمر في التقدم نحو الحرية والتحرر والتطور والنمو، والطرف الذي سينتصر في هذه الحرب في نهاية المطاف معروف، هذا الشعب هو الذي سينتصر، نسأل الله الرحمة للشهداء، والصبر لأهاليهم، والشفاء العاجل للمصابين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس