ترك برس

قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، محمد زاهد غول، إن أمريكا وروسيا توصلتا إلى العديد من الاتفاقيات بشأن الصراع في سوريا، وبالأخص بعد التدخل الروسي المباشر بتاريخ 30 سبتمبر 2015، ومن المؤكد أن التدخل الروسي تم بضوء أخضر أمريكي على أقل تقدير.

وفي مقال له بصحيفة "الشرق"، أشار غول إلى أن مبادئ الاتفاق للتدخل في سوريا بين أمريكا وروسيا لم تكن معلنة، كما أن لكل دولة منهما أهدافها الخاصة والمشتركة، ومنذ أن تم الاتفاق على وقف الأعمال العدائية الأول بتاريخ 22 فبراير 2016 ادعت كل دولة منهما أن الطرف الآخر لم يلتزم بالاتفاق، وتكرر ذلك بتاريخ 10 سبتمبر 2016.

وأضاف غول: "فقد اتهم كل طرف الآخر بعدم تنفيذ الاتفاق، وكان واضحا في ذلك الاتفاق أن البنتاجون هو الذي رفض تنفيذه، بالرغم من توقيع جون كيري عليه مع لافروف، وفي حينه هدد لافروف بإفشاء البنود السرية في الاتفاق إذا لم تلتزم أمريكا بتنفيذه، وادعت مصادر روسية أن أمريكا كانت اتفقت مع روسيا باستهداف ثلاثين ألف مقاتل من التنظيمات السورية التي تعارض الاتفاق.

ولكن أمريكا لم تعلق على ذلك، وسعت إلى اتفاق آخر، وهو ما قالت أمريكا أنه تم التوصل إليه بتاريخ 11 ديسمبر 2016 لوقف إطلاق النار في حلب وإدخال المساعدات ورحيل المدنيين منها، ولكن روسيا نفت ذلك الاتفاق مع أمريكا بشأن حلب، وأصرت على أن يواصل جيش الأسد التقدم نحو شرق حلب لإتمام السيطرة عليها".

واعتبر الكاتب التركي أن هذا التناقض في المواقف الروسية والأمريكية لا يمكن فهمه إلا بأن أمريكا تسير وفق خطة لها وبما يخدم مصالحها في سوريا، فأمريكا ليس من مصلحتها إنهاء الصراع في سوريا حتى تنجح في تنفيذ مشروعها ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة كلها، لأنها تضع الشرق الأوسط تحت إعادة رسم الخرائط وبناء الدول الجديدة أو الكانتونات السياسية المتناحرة على أسس طائفية وقومية، وهذا ثابت في العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا حتى الآن، وكل هذه الأقطار فيها تواجد نفوذ إيراني عسكري وسياسي وشعبي طائفي، ولا تخلو ليبيا من النفوذ الإيراني ودعم حفتر.

وأشار إلى أن تعاون إيران في احتلال العراق عام 2003، وتوليها حفظ المصالح الأمريكية في العراق بعد الانسحاب الأمريكي منه يؤكد هذا التعاون الإيراني مع أمريكا في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من الدول، وفي نفس الوقت تتحالف إيران مع روسيا في سوريا واليمن وغيرها، ولولا الرفض الأمريكي لتعاونت معها في العراق أيضاً، وكأن إيران تمارس اللعب على أكثر من حبل، ولكنها لم تنجح في تقريب وجهات النظر الروسية والأمريكية في سوريا، ولا التوصل إلى اتفاق ملزم بينهما ولو في حلب وحدها.

وتابع المقال..

وفي ظل التطورات الميدانية في حلب وتمكن قوات الأسد من السيطرة على الجزء الأكبر من شرقي حلب، بعد حصار شديد دام سنوات، فإن التحليلات ستعود لتبحث عن اتفاقيات روسيا وأمريكا، هل فعلا لم يتم تنفيذها من روسيا أو أمريكا ؟ أم أنهما كانا متفقين وتم تنفيذ الاتفاقيات، ولكن دون الإعلان عن ذلك، فأمريكا يتحقق نجاحها في مواصلة الاقتتال، وروسيا تلهث للبحث عن مخرج من هذه الأزمة، ولذلك لا تمانع من محاورة كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وحتى في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لأنها تعلم أن قرار الكونجرس الأمريكي برفع الحظر عن تزويد المعارضة السورية بالصواريخ المضادة للدروع أولاً، سوف يغير من معادلات الحرب في سوريا، فكيف إذا تم رفع الحظر عن تزويدها بالصواريخ المضادة للطائرات، لذلك فإن الأرجح في رأي البعض أن وهم الانتصار في حلب سوف يدفع روسيا لتخوض حربا أصعب في الأشهر القادمة.

وأن مجيء صديق لبوتين لتولي الخارجية الأمريكية في عهد ترامب لا يحمل كامل الطمأنينة لروسيا طالما أن وزير الدفاع الأمريكي الجديد لديه ما يضيفه إلى إستراتيجية البنتاجون في ردع التمدد الروسي في شرق أوروبا وفي الشرق الأوسط، طالما أن بوتين أحب أن يكون الصراع معه خارج روسيا، أو أنه تم استدراجه إليها، وبالأخص أن بوتين يحلم بالتمدد العسكري، وبناء قواعد عسكرية في الشرق الأوسط، بينما لم تستطع الدولة التي تنفذ له أحلامه من بناء قاعدة عسكرية له على أراضيها الإيرانية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!