كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

انتهت المرحلة الأولى من الحرب السورية. كما بلغت الحرب الطائفية السنية- الشيعية نهايتها مع سقوط حلب.

أما الأكراد والمناطق الكردية التي بقيت في المرتبة الثانية حتى الآن ستصبح المادة الأولى على أجندة الأعمال. وستكون الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا الأطراف الأكثر أهمية في ذلك.

لنتعرف أولًا على وضع الأكراد في سوريا.

الأكراد، المرحلة الثانية من الصراع السوري

بناء على تقرير أعده مركز بيكام للأبحاث الموجود في غازي عينتاب، يعيش أكراد سوريا مأساة لا يمكن وصفها. 

إذ يمثلون المجموعة العرقية الأكبر في سوريا بعد العرب. دون معرفة عددهم بدقة، لأن نظام الأسد لم يمنح غالبية الأكراد هويات منذ سنوات طويلة ولم يعترف بهم كمواطنين. ولكن يقدر عددهم بـ2 و2.5 مليون شخص فقط.

فقد عانى الأكراد 3 مرات أثناء الحرب. الأولى، اضطهاد نظام الأسد لهم بسبب قربهم من تركيا والسنة. ومن ثم ما تعرضوا له من ظلم على يد داعش في مناطق مثل كوباني وسنجار التي احتلت من قبل التنظيم.

كما تعرضوا لظلم كبير هذه المرة مع مجيء قوى بي كي كي المسلحة إلى المنطقة فيما بعد. وإجبار أولادهم على الالتحاق بالجيش، وتعرضهم للاعتقال والإعدامات والإبعاد بالقوة.  

مما أدى إلى هجرة 450-500 ألف من أكراد سوريا إلى تركيا، و300 ألف إلى إقليم كردستان العراق. وتوجه 100 ألف من القادمين إلى تركيا نحو أوروبا.

وبالرغم من عدم وجود أسلحة لديهم وضعفهم اقتصاديًا. ولكن أنظمتهم التعليمية أفضل بكثير مقارنة مع العرب. كما أنشؤوا قرابة 100 حزب ولكن غالبيتها أغلق من قبل نظام الأسد أولاً وبي كي كي/ حزب الاتحاد الديمقراطي فيما بعد. 

رغبـة معارضي بي كـي كي بالأخذ على محـمل الجد

قام قسم من الأكراد المهاجرين إلى تركيا بتأسيس المجلس الوطني الكردي السوري (الحزب التاسع). حيث انتخب إبراهيم برو رئيسًا للمجلس. إلى جانب ممثلين آخرين مهمين مثل رستم التمو، ومصطفى مصطفى، وإبراهيم حسين.

وأعلن هذا المجلس عن معارضته لبي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي وأنه جزء من التحالف الوطني السوري. ولهذا السبب عانت الأطراف التي بقيت داخل سوريا من اضطهاد تلك الأحزاب.

بناء عليه تشكل المجلس الكردي من أناس يمثلون مختلف وجهات النظر السياسية تقريبًا. وذلك باجتماع اليساريين والليبيراليين والمتدينين على منبر واحد. ولكن لا يمكن القول إنهم يعملون كتنظيم أو يمثلون الأكراد بالكامل. 

لأن بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي أكثر انضباطًا وتنظيمًا وأقوى بكثير من الناحية العسكرية والاقتصادية. فضلًا عن الإسهام الكبير لتنظيم بي كي كي والدعم الأمريكي في ذلك.  

ويؤكد أكراد سوريا على عدم نيلهم الدعم الكافي في تركيا من الناحية السياسية والتنظيمية وعدم تمكنهم من العثور على نقطة التقاء بهذا الصدد، وتؤكد منظمات مجتمع مدني مستقلة في المنطقة على ما تواجهه من مشكلة أخذهم على محمل الجد.  

بالإضافة إلى تطبيق نظام صارم في كافة المدن الكردية الخاضعة لسيطرة بي كي كي/ حزب الاتحاد الديمقراطي. ولذلك تم ترحيل الأكراد المختلفين أيدولوجيًا قسرًا إلى إقليم بارزاني أو تركيا. وإن وردتنا أخبار مؤخرًا عن بدء التنظيم التعامل بلطف مع الأكراد الخاضعين لسيطرته من أجل كسب قلوبهم.  

انتهـاء الحرب الإيرانـية في سوريا، وبدء الحـرب التركية

أثناء الحرب الأهلية السورية استحوذ بي كي كي/ حزب الاتحاد الديمقراطي على خط قدره 550 كم شمالي سوريا. في حين دعمت الولايات المتحدة الأمريكية بشدة استيلاء التنظيم على كامل الحدود التركية الممتدة من حدود العراق إلى البحر الأبيض المتوسط. مما أدى إلى صدور رد فعل كبير من قبل أنقرة. وعندما فشلت في الحصول على نتائج ملموسة في كافة المفاوضات، اتفقت مع روسيا وأطلقت عملية جرابلس وعرقلت دمج الكانتونات بشكل فعلي.

هذا وقد انتهت الحرب الإيرانية الموجهة طائفيًا بسقوط حلب. لتبدأ الحرب التركية الموجهة أمنيًا. ومما لا شك فيه أن الأزمة الجديدة في سوريا سوف تستند إلى الصدام التركي مع بي كي كي/ حزب الاتحاد الديمقراطي. وسيتم جلب الانتماء العرقي الكردي إلى الواجهة في هذا الصراع، وسيسعى إلى جر أكراد سوريا بالكامل بما فيهم أكراد العراق إلى ساحة الصراع هذه.    

وبذلك ستتحول مناطق مثل منبج والحسكة والقامشلي والجزيرة الخاضعة لسيطرة التنظيم في سوريا إلى ساحات حرب. في ظل وجود قوة مسلحة مؤلفة من 20-30 ألف عنصر من بي كي كي هنا تقريبًا.

علاوة على وجود قوات خاصة تابعة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وإسرائيل وغيرها من الدول الأجنبية في مناطق استراتيجية من هذه المنطقة. ولكن ليست لدينا معلومات كثيرة عن كمية الذخائر الموجودة في المنطقة. 

ومن المحتمل أن لا يقتصر الصدام مع سوريا فحسب، فقد حاول نجيرفان بارزاني إيقاف محاولات بي كي كي السيطرة على مدينة سنجار اليزيدية بتهديده باستخدام القوة العسكرية في حال رفضه الخروج منها، غير أن التنظيم وجه رسالة إلى بارزاني طالبه فيها بترك الأكراد داخل سوريا وشأنهم مقابل عدم تدخله بشؤون أكراد العراق.   

ما مصير التحالفات التي أقامها بي كي كي/ حزب الاتحاد الديمقراطي؟

عمدت كل من إيران ودمشق والإدارة الروسية إلى دعم التنظيم من أجل التضييق على تركيا ودفعها للتخلي عن المعارضة. وخصصت هذه الدول مناطق لبي كي كي وزودته بالأسلحة والدعم اللوجستي والاستخباراتي، والهدف من ذلك الضغط على تركيا في سوريا وبارزاني في العراق.   

ولهذا السبب جرى اتفاق بين الأطراف الثلاثة السابقة، ولكن يبدو أن هذا الاتفاق لن يدوم طويلًا مع سقوط حلب. وبجميع الأحوال طالب النظام بدمشق الأكراد بالخروج من بعض الأحياء في حلب. وقطعت إدارة بغداد الرواتب التي تدفعها لميليشيات بي كي كي في سنجار. وبالرغم من ورود أنباء عن صراع بين هؤلاء الحلفاء داخل سوريا ولكنها معلومات غير مؤكدة.   

وبجميع الأحوال ستستمر قوة بي كي كي/ حزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة طالما أن الدعم الأمريكي لم يتوقف. ولذلك، تنتظر تركيا تولي إدارة ترامب الرئاسة من أجل إيقاف هذا الدعم. إلى جانب وجود استعداد دبلوماسي مكثف يجري بهذا الصدد.  

ينبـغي على تركـيا الاستعداد لأزمـة جديدة

سيشكل الأكراد الموضوع الأساسي للأزمة السورية في الأيام القادمة بالتأكيد. في ظل وجود خطر صدام فعلي عالٍ جدًا. إضافة إلى إحتمال دخول كافة الأطراف في هذا الصراع. وبما أن الموقف الأمريكي يشكل موضوعًا حرجًا. قررت روسيا الوقوف إلى جانب تركيا. وبالطبع لن تتخذ روسيا موقفًا معاديًا للولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر من أجلها.

ولذلك ينبغي على تركيا الاستعداد لأزمة جديدة من خلال مراجعة الخطوات الصحيحة والخاطئة بخصوص المعارضين العرب. ويشمل ذلك العمليات الجديدة مثل جرابلس.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس