هاكان البيرق –صحيفة قرار- ترجمة وتحرير ترك برس

إلى الرجل الذي يسأل: "ما الذي نفعله في أفريقيا؟"، ويتابع قائلا: "ألا يكفي جوعنا حتى نذهب إلى أفريقيا لمشاركة جوعهم وفقرهم؟ في ظل وجود البلاد وسط الحرائق، ما الذي يدفع بالرئيس أردوغان إلى الذهاب إلى تنزانيا وموزمبيق ومدغشقر؟ وربما يتساءل: هل يستخف "هاكان البيرق" بعقولنا عندما يكتب عن أفريقيا بدلا من أن يكتب عن النظام الرئاسي والدستور؟.....

أقول لمن يسأل هذا السؤال: "العفو أيها الصديق، هل حمل هموم فرنسا وبريطانيا يقع على عاتقك أنت؟ اهدأ قليلا، فسأقول لك أمرا مهما: "في إحدى الدول الأفريقية التي أقمنا معها علاقات دبلوماسية، والتي عيّنا فيها سفيرا لنا، وفي الأيام الأولى من استلامه لمهامه، يستقبل زيارة من السفير البريطاني في الدولة نفسها التي عُيّن فيها، بعد التأهيل والتسهيل يسأل السفيرُ البريطاني سفيرنا: "لماذا تفتح تركيا سفارة هنا؟ فيجيب السفير التركي بقوله: "نعلم أنكم جئتم للتدخل بشؤننا، وهذا معيب جدا".

فقر القارة الأفريقية عبارة عن كذبة إمبريالية، وفي الحقيقة أفريقيا ثرية إلى حدّ تستطيع فيه شراء العالم بأكمله، فالذهب والألماس، والبلاتين والكروم، كل هذه المواد موجودة في القارة الأفريقية، كذلك مادة الكولتان التي تستخدم في صناعة أجهزة الحواسيب والألعاب الإلكترونية موجودة في أفريقيا، بالإضافة إلى النفط والغاز الطبيعي.

القارة الأفريقية فيها كل شيء، ولكنّ المستعمرين في السابق لم يتركوا شيئا من الثراء الأفريقي للأفريقيين، أما الآن فالإمبرياليون هم الذين لا يتركون شيئا للأفريقيين. يريدون أن ينفردوا بالغنى الأفريقي بينما نحن مخدوعون بالكذبة العظيمة التي اسمها "الفقر الأفريقي".

هناك من يقول: إن أفريقيا تعاني الجوع والعطش، وأقول: "هل تعلمون أن نصف الأراضي القابلة للزراعة في العالم، والتي لم تزرع بعد موجودة في أفريقيا؟ وهل تعلمون أنّه إلى الآن لم يتم تقييم والتنقيب عن 10 بالمئة من المصادر المائية في أفريقيا؟ والآن تقوم تركيا بواسطة "تيكا وميكا......." بمشاريع في مجال الثروة الحيوانية والمائية والزراعية في القارة الأفريقية، فهل هذا الأمر منطقي؟...

والسيد رجب طيب أردوغان يقول مخاطبا الأفريقيين وبكامل الأريحية: "إن الحلول بالنسبة إلى الأفريقيين ستخرج من هذه الأراضي، إن تركيا بالإضافة إلى المساعدات الدبلوماسية تعد في مقدمة الدول التي قدّمت لأفريقيا مساعدات إنسانية، نحن أناس نؤمن بالمشاركة، ولا يوجد في التاريخ التركي ما اسمه المطامع بأفريقيا".

ومن هنا تنفتح الأبواب الأفريقية أمام تركيا واحدة تلو الأخرى....

في عام 2003 كان عدد السفارات التركية لدى أفريقيا 12 فقط، وبعد انفتاح حكومات حزب العدالة والتنمية على الدول الأفريقية أصبح لدى تركيا في القارة الأفريقية 43 سفارة، وكان عدد السفراء الأفريقيين الذين يمثلون دولهم لدى أنقرة 10 فقط، أما الآن وصل هذا العدد إلى 53...... الخطوط الجوية التركية كانت تقوم برحلات جوية إلى 10 مناطق فقط، بينما الآن إلى 47 منطقة، وخلال هذه المرحلة قامت تركيا بتعاون اقتصادي مع ما يزيد على 40 دولة أفريقية، وتم التعاون والاتفاق على حماية الاستثمارات والتحفيز عليها بشكل متبادل مع 17 دولة، وكما وقّعت تركيا مع 8 دول أفريقية لإلغاء الضرائب المزدوجة، بالإضافة إلى أن تركيا أصبحت عضو في بنك التنمية في إحدى الدول الأفريقية، وغير هذه الكثر من الأمور الأخرى..........و يا أيها الأخ الذي تسألني "ما الذي نفعله في أفريقيا؟" أعرني انتباهك لما يلي: إن حجم التبادل التجاري بين تركيا وأفريقيا ارتفع من 5 مليار دولار سنويا، إلى 25 مليار دولار تقريبا، و15 مليار دولار من التبادل التجاري نسبة التصدير من تركيا، و10 مليار دولار استيراد إليها، وهل الفرق الذي تبلغ نسبته 5 مليار دولار سيئة بالنسبة إلى الاقتصاد التركي؟

ومن جهة أخرى وصلت الاستثمارات التركية في أفريقيا إلى 6 مليار دولار، وتم التجهيز لقاعدة عمل طويل المدى من أجل استثمارات قد تصل لعشرات المليار من الدولار. وهذه الخطوات كلها ليست سوى البداية، وهذه الأمور قد تكون فقط 1 بالمئة من التوقعات المنتظرة، أليس من المفترض أن نقول: الشكر لله على هذه النعمة؟.....

إن ما فعله أردوغان في جولته الأخيرة إلى أفريقيا سيزيد من دخل الاقتصاد التركي، أي بعبارة أخرى سيزيد الرفاهية لديك، فما هو المزعج في هذا؟.

ويمكن أن نضيف إلى ما سبق أن الجولة الأفريقية بمثابة ضربة لكل من يريد لتركيا الاعتكاف على نفسها، من خلال العمليات الإرهابية التي تتعرض لها.

فنحن نعلم أنه عندما نعتكف على أنفسنا أننا سنتآكل شيئا فشيئا.............

عن الكاتب

هاكان البيرق

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس