ترك برس

استعرض الكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا، أمثلة عن ألاعيب ومناورات تلجأ إليها الجبهة المعارضة للتعديلات الدستورية والنظام الرئاسي في تركيا، المقرر إجراء استفتاء شعبي عليها، وذلك بهدف تضليل الرأي العام والإيحاء بوجود ضغوط هائلة ضدها.

وفي مقال له بصحيفة "العرب" القطرية، تحدث ياشا عن إعلان اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، أن الاستفتاء الشعبي على حزمة التعديلات الدستورية سيتم إجراؤه في 16 أبريل/نيسان القادم.

وبحسب ياشا، كان المتوقع أن يتقدم حزب الشعب الجمهوري إلى المحكمة الدستورية بطلب إلغاء التعديلات، بحجة أن عملية التصويت عليها في البرلمان شهدت خروقات، إلا أن رئيس الحزب كمال كيليتشدار أوغلو صرح بأنهم لن يذهبوا إلى المحكمة الدستورية.

لماذا تراجع حزب الشعب الجمهوري عن الذهاب إلى المحكمة الدستورية؟

اعتبر ياشا أن كيليتشدار أوغلو بأنهم يحترمون إرادة الشعب التركي الذي سيقول كلمته عبر صناديق الاقتراع، إلا أن المتابعين لحزب الشعب الجمهوري يعرفون أن قادة الحزب أدركوا خطورة هذه الخطوة التي ستنعكس سلبا على شعبية المعارضين للانتقال إلى النظام الرئاسي، سواء رفضت المحكمة الدستورية طلب حزب الشعب الجمهوري أو قبلته.

وأوضح أنه لو كان حزب الشعب الجمهوري تقدم إلى المحكمة الدستورية بطلب إلغاء التعديلات، فسيكون أمام المحكمة خياران: رفض الطلب أو قبوله. وفي حال رفضت طلب إلغاء التعديلات كان ذلك سيشكل ضوءا أخضر للحزمة التي وافق عليها البرلمان، وسيضعف موقف المعارضين لها قبيل الاستفتاء الشعبي.

وأما في حال ألغت التعديلات بناء على طلب حزب الشعب الجمهوري، فسيكون أمام حزب العدالة والتنمية اتخاذ قرار لإجراء الانتخابات المبكرة والتحاكم إلى الشعب، كما فعل ذلك حين حاول حزب الشعب الجمهوري عرقلة انتخاب عبدالله غول رئيسا للجمهورية.

وشدّد الكاتب على أن الجبهة المعارضة للتعديلات الدستورية والانتقال إلى النظام الرئاسي، بعد أن استنفدت جميع خياراتها لعرقلة عرض التعديلات على الاستفتاء الشعبي، بدأت تلجأ إلى مناورات وأساليب ملتوية ترمي إلى دفع الرأي العام للاعتقاد بأن هناك ضغوطا هائلة تمارس ضد المعارضين للتعديلات الدستورية، بهدف إثارة تعاطف شعبي مع "الضحية"، بالإضافة إلى إيجاد تبرير مسبق لهزيمة محتملة في الاستفتاء الشعبي.

وفي آخر مثال لتلك المناورات، يضيف ياشا، قامت مجموعة "دوغان" الإعلامية المعارضة للحكومة، بطرد مذيع من "قناة دي" التابعة لها، بحجة أن ذاك المذيع أعلن أنه سيصوت في الاستفتاء الشعبي لرفض التعديلات الدستورية، وأن ذلك يتعارض مع مبدأ الحياد الذي تتبناه المجموعة الإعلامية.

وأشار إلى أن سبب طرد المذيع من تلك القناة أن قد يكون فشله في عمله أو أي شيء آخر، إلا أن تبرير طرده بإعلان معارضته للتعديلات الدستورية غير مقنع على الإطلاق، لأن مجموعة "دوغان" التي تقود حملة إعلامية لرفض التعديلات الدستورية في الاستفتاء الشعبي، لو طردت جميع المعارضين للانتقال للتعديلات لم يبق فيها من العاملين إلا القليل النادر.

وفي مثال آخر، زعم الروائي التركي الحائز على جائزة نوبل للآداب، أورهان باموك، أن صحيفة "حُرِّيَتْ" التابعة لذات المجموعة، ألغت نشر مقابلة معه، لأنه قال فيها إنه سيصوت بــ "لا" في الاستفتاء الشعبي.

ولو كانت تلك الصحيفة هي الوسيلة الوحيدة لإعلان الكاتب عن موقفه لجاز القول بأن المعارضين للتعديلات يتعرضون للتضييق، إلا أن هناك وسائل كثيرة يمكن أن يعلن باموك أو غيره من خلالها معارضتهم للتعديلات، كما أن هذه المناورات والأساليب البالية لم تعد تنطلي على الشعب التركي.

وأقر البرلمان التركي في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، مشروع التعديل الدستوري الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية الحاكم، والمتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، في عملية تصويت سرية.

ونشرت الجريدة الرسمية التركية في 11 فبراير/شباط الجاري، قانونًا يتيح طرح التعديلات الدستورية الخاصة بالتحول إلى النظام الرئاسي، في استفتاء شعبي.

وتنص التعديلات الدستورية على رفع عدد نواب البرلمان التركي من 550 إلى 600 نائبًا، وخفض سن الترشح لخوض الانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاما، وإجراء الانتخابات العامة والرئاسية في اليوم نفسه كل 5 سنوات.

وتُتيح التعديلات للبرلمان التركي اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة بموافقة ثلاث أخماس مجموع عدد النواب. وتقضي بعدم قطع رئيس الدولة صلته بحزبه السياسي، وتسمح للبرلمان بفتح تحقيق مع رئيس الجمهورية استنادًا إلى مقترح تطرحه الأغلبية المطلقة من إجمالي أعضاء البرلمان التركي.

وبحسب التعديلات، يحق لرئيس الدولة تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم، ولا يمكن للشخص الواحد أن يُنتخب رئيسًا للجمهورية التركية أكثر من مرتين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!