رفاه سلطان - خاص ترك برس

مع ازدهار الاقتصاد وزيادة معدل النمو السكاني، ازداد الطلب على قطاع الإنشاءات في تركيا في السنوات الأخيرة، لا سيما أنها تشكل مناخًا استثماريًا مريحًا لعدد من الدول، وخاصة العربية منها.

استقطبت تركيا بذكائها التجاري المستثمرين، والسياح معًا، فمنهم من توجه إلى شراء العقارات بهدف الاستثمار أو الاقتناء، ومنهم من توجه نحو تجارة الإعمار والبناء ومسلتزماته، سواء كانوا أتراك أو أجانب.

وبالنظر للسوق الداخلي، ازداد معدل سرعة بناء مؤسسة "توكي" (TOKİ)، التركية للبناء الشعبي، لعام 2016، بنسبة 40 بالمئة، مقارنة مع السنين الماضية، وفق ما صرحته إدارة المؤسسة أواخر الشهر الجاري.

وتعد مؤسسة "توكي"، إحدى أهم المؤسسات العمرانية في تركيا، بما يخص السوق المحلي، ذات إدارة مستقلة ومنافسة للقطاع الخاص، وتناسب دخل الطبقات الوسطى والفقيرة، بسبب أسعارها التنافسية والأريحية التي تقدمها إمكانية التقسيط فيها.

64 ألـف شـقـة

أضافت الإدارة أن معدل البناء في السنوات الـ 14 الأخيرة، أي بالتزامن مع حكم حزب "العدالة والتنمية" للبلاد، ارتفع بمعدل 40 بالمئة، وبلغ عدد الشقق السكنية لعام 2016، نحو 64.822 شقة سكنية، مقارنة مع الأعوام الماضية، بنحو 46 ألف شقة كمعدل وسطي سنويًا.

كما أفاد "ارغون طوران"، رئيس شركة "توكي"، لمراسل وكالة "الأناضول" التركية، أن هدفهم الأساسي هو زيادة معدل الإنتاج سنويًا، سواء بالنسبة للقطاع السكني أو قطاع المرافق العامة والاجتماعية، من مدارس، جوامع، حدائق وغيرها من الأبنية العامة.

وتابع "طوران" في السياق ذاته، أن إدارة "توكي" تمكنت من إنجاز نحو 521  مناقصة عامة خلال الألف يوم الأخيرات.

مشيرًا إلى أن المنقصات المنجزة، ضمت ما يزيد عن 15 ألف شقة سكنية، و3.361 ألف مرفق اجتماعي.

واستدرك "طوران" أنه في السنوات الـ 14 الأخيرة، كان نصيبهم من مجموع الإنتاج العمراني في تركيا قرابة 25.5 بالمئة.

وقال: "خلال ألف يوم تمكنا من بناء نحو 18 بالمئة من مجموع مناقصات الشقق السكنية، 20 بالمئة من الشقق المسلمة، 12 بالمئة من الشقق المباعة". بالإضافة لمختلف أنواع المرافق الاجتماعية.

500 بـالـمـئـة

في معرض حديثه عن ارتفاع معدل البناء مؤخرًا أشار "طوران"، إلى زيادة معدل الطلب الذي ازداد طردًا مع معدل النمو، فقال: "تلقينا في الأعوام الأخيرة، طلبات بنسبة 500 بالمئة على البيوت المعروضة للبيع".

وعلى الرغم من من حالة الفوضى والضعف الأمني الذي تعاني منه تركيا، وخاصة في السنتيّن الأخيرتيّن، بالإضافة لمحاولة "انقلاب 15 تموز" 2016، ارتفع معدل البناء بعموم تركيا.

وهنا أردف "طوران"، أن سنة 2016 كانت سنة غنية جدًا في مجال البناء، وكانت الرائدة في هذا القطاع.

مضيفًا أن شركة "توكي"، أنتجت نحو 9 بالمئة من مجموع بناء الشقق السكنية لعام 2016، وذلك في ظل وجود القطاع الخاص أيضًا.

وبناء عليه، أوضح "طوران" أن حجم البناء الكبير، الذي بلغ نحو 64 ألف شقة سكنية في عموم تركيا، تطلب مساحة أرض تزيد عن 11 مليون متر مربع.

38 مـديـنـة جـديـدة

في نهاية حديثه، تطرق "طوران" إلى نسبة الشقق  والتعداد السكاني الذي يمكن لها استيعابه، فقال: "في عام 2016، تمكنا من بناء مدينتيّن ونصف، تتسع الواحدة منها لنحو 100 نسمة سكانية".

مشيرًا إلى أنهم يطمحون إلى بناء مدن أخرى في مختلف أنحاء تركيا، مؤكدًا أنهم  سيبنون نحو 18 مدينة جديدة مع نهاية عام 2023، أي سنة "تركيا  الجديدة" كما يطلق عليها الأتراك.

واستدك "طوران" قائلًا، "من هنا إلى غاية 2023، سنكون بنينا نحو 38 مدينة، تستوعب الواحدة منها 100 ألف نسمة".

لـمـاذا بـنـيـت "تـوكـي"

مؤسسة "توكي"، تعد أقوى، أقدم وأعرق شركة بناء في تركيا، تأسست عام 1984، بموجب قانون البناء العام، رقم (2985)، وفق قرار رئيس الجمهورية الثامن وقتها، "تورغوت أوزال"، الذي أمر أن تكون مؤسسة إعمار شعبية (عامة)، مستقلة عن الإدارة العامة، وتمول بمساعدات "الإنشاء العامة المستقلة".

وكان الهدف الأساسي من بنائها هو الحصول على أبنية قوية، ومقاومة لمختلف العوامل، والزلازل، التي تضرب تركيا بين الفينة والأخرى، كما يذكر التاريخ، إذ تعرضت تركيا، لمجموعة من زلازل مدمرة قتلت الآلاف من السكان وشردت مئات الآلاف منهم خلال 100 عام فقط.

1926

وكانت عملية البناء المنظمة، والمنسقة من قبل الحكومة في عهد الجمهورية بدأت، بعد عام 1926، أي بعد الزلازال المدمر الذي أصاب مدينة "أرضروم"، جنوب شرق تركيا، وقتل الآلاف منهم، فتحولت أموال صندوف "الأيتام"، لتمويل مصرف "العقار والأيتام"، الذي كان داعمًا حقيقيًا لقطاع البناء العام في تركيا.

ولحق ذلك قانون البلديات عام 1930، الذي كان دافعًا قويًا لتنظيم عملية البناء، وخاصة الأبنية المقاومة للصدمات والآفات المدمرة، بهدف الحصول على مدن حديثة، تواكب مفهوم التطور العالمي، واتجهت عملية البناء لتخصص أبنية لموظفي الدولة، وسواهم، بهدف منحهم بيوتًا جيدة وبأسعار تناسب دخلهم المتواضع.

زلـزال مـدمـر

وكانت الضربة الأليمة، حصلت بعد عام 1939، أي بعد زلزال "أرزينجان" المدمر، جنوب البلاد، الذي قتل ما يزيد عن 33 ألف شخص، وهدم قرابة الـ 120 ألف بناء سكني، ما أدى إلى تشريد الآلاف من المواطنين وقتها، وكانت الدافع الأكبر للاهتمام بعملية البناء المنظمة بمختلف أنحاء تركيا.

ولكن على الرغم من جميع هذه المحاولات خلال تلك الأعوام، لم تصل عملية البناء لما هي عليه حاليًا، وعلى المستوى العالمي من التطور والحداثة، إلا بعد مرحلة الثمانينيات، وقرار تأسيس "توكي"، التي أراحت الدولة والسكان من مخاوف كثيرة، على مختلف الأصعدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!