أزكي عاشق - صحيفة خبر 7 الإلكترونية - ترجمة وتحرير ترك برس

أصيبت العلاقات الأمريكية التركية في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بتدهور ملحوظ، لم يتغير في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب.

يمكن اختصار أبرز النقاط التي أثرت بشكل سلبي على العلاقات الأمريكية التركية في عهد أوباما، واستمرت على نفس المنوال في عهد الرئيس الجديد ترامب، تحت عناوين أبرزها، قضية مكافحة تنظيم "فتح الله غولن" الإرهابي، وقضية "بنك خلق" (بنك الشعب)، والدعم العسكري والسلاح المقدم من الإدارة الأمريكية لتنظيمات "ب ي د/ ي ب ك"، الامتداد السوري لمنظمة "بي كي كي" الإرهابية.

كيف ستكون وجهة العلاقات التركية مع الولايات المتحدة؛ في ظل استمرار شغل ملفات أبرزها تنظيم "فتح الله غولن" الإرهابي و"عادل أوكسوز" (أهم مدبري محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف تموز/ يوليو الماضي)، وقضية بنك خلق، والدعم العسكري والسلاح المقدم لتنظيمات "ب ي د/ ي ب ك" الإرهابية، وعملية الرقة العسكرية (المعقل الرئيسي لداعش شمالي سوريا)، حيّزًا مهمًا على جدول أعمال العلاقات بين البلدين؟.

حالة الفوضى تركة أوباما في المنطقة

وفي مقابلة مع صحيفة "خبر7" التركية، قال برهان الدين دوران، الخبير في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركية "سيتا": إن العلاقات التركية الأمريكية تمر بفترة متوترة. هذه التوتر بالواقع هو إرث بقي من عهد أوباما. كان من المتوقع أن تتغير وجهة هذه العلاقات في عهد ترامب. لكن الواقع الموجود على الأرض يُظهر أن الشخصيات التي كانت تولي أهمية لدعم تنظيم "ي ب ك" الإرهابي في إطار محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في المنطقة داخل الإدارة الأمريكية في عهد أوباما، لا تزال على رأس مهام مماثلة في عهد الإدارة الجديدة.

من ناحية أخرى، رأى دوران أن اعتقال نائب المدير العام لبنك "خلق" (الشعب) التركي في الولايات المتحدة؛ يظهر بالضرورة وجود تناقضات بين مؤسسات الدولة الأمريكية التي تشكيل سياسة واشنطن تجاه تركيا. فضلًا عن حالة البطء التي تعتري عملية إعادة "فتح الله غولن" المسؤول الأول عن تنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة إلى تركيا، ولكن من الجانب الآخر، هناك شخصيات داخل الإدارة الأمريكية الجديدة، تعمل على شرح وجهة نظرها المتعلقة بأهمية العلاقات الاستراتيجية مع تركيا وتأثير الدعم الأمريكي المقدم للتنظيمات الإرهابية شمالي سوريا على دفع تركيا نحو مزيد من الابتعاد عن الولايات المتحدة. أنا شخصيًا أعتقد أن الخارجية الأمريكية تعتبر أحد الجهات القريبة من هذا الجناح. هذا الوضع الفوضوي لم يدوم طويلًا، وسرعان ما سوف تتضح الصورة.

الولايات المتحدة تدار في هذه المرحلة بواسطة "الطيار الآلي"  

حسن بصري يالجين، الخبير في مركز سيتا، قال إن الوقت لا زال مبكرًا بعض الشيء لتقديم تنبؤات محددة حول مآلات العلاقات التركية الأمريكية، لكنّي أستطيع القول إن القيادة المركزية الأمريكية والبنتاغون يصدران بيانات يصفون فيها التعاون بين الولايات المتحدة وتنظيم "ب ي د" الإرهابي شمال سوريا في إطار عملية الرقة على وجه التحديد بـ "الشائعات".

إن السياسات المتبعة في هذا المجال حاليًا لا تزال ترتكز على السياسات التي رسمها أوباما حيال المنطقة. فكبار المسؤولين الذين يقودون المرحلة الراهنة، هم نفسهم الذين كانوا يقودون سياسات واشنطن في عهد أوباما؛ وهم من يحددون الآن جدول أعمال ترامب ويسعون لضمان استمرار السياسات السابقة تجاه المنطقة. دخول الرئيس الأمريكي الجديد معترك السياسة الخارجية سيتطلب منا الانتظار سنة أخرى. الولايات المتحدة اليوم تُدار بواسطة الطيار الآلي.

هذه العناوين تركة أوباما

طه داغلي، الكاتب في صحيفة خبر 7 الإلكترونية التركية؛ اعتبر عناوين مثل تنظيم "فتح الله غولن" و"ب ي د"، وبنك خلق، أنها عبارة عن أزمات ورثتها إدارة ترامب عن أوباما. وتابع: أوباما لم يراعي المواضع التي تشكل حساسية بالنسبة لتركيا في أيّ من تلك الملفات، ولم يتخذ أي خطوة تجاه تنظيم "فتح الله غولن" وقياداته التنظيمية التي تصول وتجول في الولايات المتحدة. هذه المسائل كلها تُرِكت لترامب. لا شك، إدارة ترامب أرسلت إشارات أكثر إيجابية إلى تركيا لكن من الصعب توقع الحصول على نتائج مهمة على المدى القصير.

واستدرك داغلي قائلًا: عهد ترامب شهد فضيحة الكشف عن وجود اتصالات بين السفارة الأمريكية في تركيا و"عادل أوكسوز"، الذي يوصف بأنه "خازن أسرار" زعيم تنظيم فتح الله غولن، والذي ما زال متواريًا عن الأنظار، خشية القاء القبض عليه من قبل فرق أمنية خاصة. في الواقع أن تركة أوباما لا تزال تخيم على العلاقات بين واشنطن وأنقرة. ويمكن تقييم اعتقال أحد مسؤولي بنك خلق في الولايات المتحدة واستمرار سريان القرار الخاص بدعم تنظيم "ب ي د" شمالي سوريا عسكريًا ضمن هذا الإطار.

على الولايات المتحدة انتهاج سياسة ذات مصداقية

الوزير التركي السابق أكمن باغيش، قال إن العلاقات بين أنقرة وواشنطن ستكون منوطة بالخطوات التي سوف تتخذها الإدارة الأمريكية على صعيد تطوير العلاقات الثنائية. متسائلًا: "إذا كان اتصال السفارة الأمريكية بعادل أوكسوز حقًا من أجل إلغاء التأشيرة (كما صرحت السفارة الأمريكية في تركيا) فما هو عدد المواطنين الأتراك الذين تم الاتصال بهم لسبب مماثل؟. وما هي أسباب اعتقال نائب المدير العام لبنك خلق التركي، الذي كان في الولايات المتحدة في مهمة رسمية؟. إن هذا فيه انتهاك صريح لقواعد الأمم المتحدة وسياسات التنمية والتعاون في مجال الاقتصاد". مشددًا على ضرورة قيام واشنطن بتوضيح جميع هذه الأمور للرأي العام التركي، وانتهاك سياسات ذات مصداقية تنسجم مع مكانتها كشريك استراتيجي لتركيا.

ترامب لم يتمكن بعد من تكوين سياساته

حسن بصري يالجين، رأى أن الولايات المتحدة تنتهج مع تركيا سياسة المماطلة منذ فترة طويلة جدًا. يمكن الاستدلال على ذلك من خلال السياسات التي اتبعتها واشنطن حيال "فرض منطقة حظر جوي في سوريا، وبرنامج تدريب وتجهيز المعارضة السورية". القيادة المركزية الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية على وجه الخصوص هي المسؤولة عن إنتاج سياسة المماطلة تلك. واشنطن ستحافظ على هذه السياسة طالما أن الإدارة الجديدة لم تمسك بزمام الأمور ولم تضع سياسات خاصة بها.

حملة من ترامب يقابها حملة مضادة من قلب الإدارة الأمريكية

طه داغلي وبعد أن ذكر بالأجواء الإيجابية التي سادت المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره التركي أردوغان، منذ تولي الأول مقاليد السلطة في بلاده شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، والرسائل الإيجابية التي أطلقها ترامب بخصوص تركيا، والزيارة التي أجراها رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى أنقرة، رفض ما ذهب إليه غيره من الباحثين والخبراء حول وجود سياسة أمريكية تنتهج المماطلة مع تركيا.

وأضاف داغلي: عند الحديث عن الإدارة الأمريكية الجديدة؛ لابد من الأخذ بعين الاعتبار وجود معارضة قوية لترامب داخل حزبه. ترامب وصل إلى السلطة لكنه لم يمسك بالحكم. إنه يصطدم بشكل مستمر بالقضاء في عدة قضايا على رأسها المهاجرين وملف العلاقات مع روسيا. هناك خطوات تتخذ داخل الإدارة الأمريكية ضد أي خطوة يقوم بها ترامب لبلورة سياساته الخاصة.  

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس