أحمد جلال - ترك برس

لماذا فرح كثيرون فى الأمة الإسلامية والعربية بنهضة تركيا الحديثة؟! وتساءل كثيرون لماذا تركيا هي المؤهلة لقيادة العالم الإسلامي؟! وهنا نقول أبسط شيء هل يتم تعيين راغب فى العمل الآن دون خبرة كبيرة وواسعة؟! نقول إن تركيا بخبراتها التاريخية وما تعلمته من نجاحات وإخفاقات من تاريخها المجيد فيما سبق كإمبراطورية شكلت إحدى أهم ظواهر التاريخ العالمى المذهلة جدًا، والخارقة للعادة، فقد جمعت هذة الدولة حضارات البحر الأبيض كلها فى إمبراطورية واحدة ونجحت فى ذلك نجاحًا منقطع النظير، وإن أيًا من الدول الأوروبية الاستعمارية التى أخذت مكان الدولة العثمانية، سواء إنجلترا أو فرنسا أو ايطاليا أو روسيا لم تتمكن من إدارة هذة الأقطار مدة طويلة وبطريقة مستقرة كما أدارتها الدولة العثمانية. ولولا تآمر القوى العظمى عليها، وتأخر عملية الإصلاح لاستمرت إلى الآن ولحققت إنجازات علمية وإنسانية عظيمة للبشرية ولم نجد فقيرًا واحدًا يموت جوعًا فى أي مكان من هذا العالم كما يحدث اليوم فى ظل هذة الحضارة الحديثة المادية الرأسمالية البحتة والخالية من الإنسانية.

كما أنه من ناحية أخرى نرى كثيرًا من التصارع بين الدول الإسلامية والعربية على قيادة وزعامة الدول الإسلامية وأحسب أن الدولة التى يمكن أن يوافق الجميع على قيادتها للعالم الإسلامي وفض اشتباك زعامة العالم الإسلامي والعربي هي تركيا بما لها من رصيد سابق من المحبة والسلام بين الجميع، فالدولة العثمانية لم تستهدف يومًا إنكار كيان أية قومية مهما صغرت، ولم يعمل أو يفكر فى محوها، بل على العكس من ذلك كان نظامًا حريصًا على أن يجعل من هذة القوميات تحت مظلته قوى فاعلة ومشاركة فى صنع السياسة والمدنية العثمانية.

أما من حيث الموقع فتركيا بموقعها المتفرد فى وسط العالم وبين أهم ثلاث قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا وهي القارات الغنية بالموارد والثروات الطبيعية والزراعية والبشرية والأراضي الشاسعة والأماكن الأثرية والسياحية والبحار والأنهار والسواحل الشاطئية الهامة في العالم، كما أنها فى منطقة تعتبر جسرًا بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.

أما من حيث عدد الحروب فقد شارك الجيش العثماني في حروب عديدة يصعب حصرها، كما أن للجيش التركي ماض عريق يرجع إلى مئات السنيين، بينما ظهر الإسطول مع مجيء الأتراك إلى الأناضول قبل ما يزيد على أربعة قرون ونصف.

أما بخصوص عدد الشهداء فقد قدمت تركيا العثمانية وحتى الآن لمحاربة التنظيمات الإرهابية وداعش وغيرها أكثر من أربعة مليون شهيد، وما زالت تقدم أزكى الدماء الطاهرة خدمة للإسلام والمسلمين.

بخلاف أنها حمت قبر الرسول وأعتنت بأماكن العبادة الإسلامية، وأوقفت التوسع الفارسي، وهذا فى رأيي أحد أسباب سرعة انهيار الإمبراطورية العثمانية نتيجة كثرة الحروب مع الفرس. ولولا الأتراك لتمّت كثلكة سواحل شرق وشمال وغرب أفريقيا من الأطلسي حتى مصر على يد الإمبراطوريتين البرتغالية والإسبانية، كما أنها أضعفت الأمبراطورية البرتغالية وحجمت الإمبراطورية الإسبانية، وفككت الإمبراطورية الألمانية، وحجّمت الإمبراطورية الفرنسية، كذلك جعلت البحر المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي وشرق المحيط الأطلسي تحت السيطرة والسيادة الإسلامية العثمانية.

هذا بعض من كثير لما قدمته تركيا للعالم الإسلامي ويصعب حصره، والتحدي الأهم أمام تركيا الآن هو السبق فى عملية الإصلاح وتجذرها داخل المجتمع التركي وكذلك القابلية للتعديل والإصلاح على منظومة الإصلاح، وكيفية تحييد القوى العظمى ومنعها من تدمير بلداننا الإسلامية. كما أرجوا من الأمة الإسلامية قيادات وشعوب عدم ترك تركيا في المواجهة بمفردها حتى لا نندم يوم لا ينفع الندم ونقول أكلت يوم أكل الثور الأبيض، حفظ اللّه تركيا والأمة الإسلامية، واللّه خير حافظًا وهو أرحم الراحمين هو مولانا ونعم النصير.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس