ماركار إسيان - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

يوم أسود جديد شهده العالم الثلاثاء الماضي مع قصف قوات النظام السوري بلدة خان شيخون بغازي السارين والكلور، وهو ما أسفر عن سقوط 100 قتيل بطريقة مفجعة، جزء كبير منهم أطفال. أصيب 300 آخرون في الهجوم، ما يعني أن عدد القتلى مرشح للارتفاع...

هذه المجزرة، التي لم تتحمل قلوبنا حتى النظر إلى صور ضحاياها من الأطفال الأبرياء، يعيشها الشعب السوري حقيقة مرعبة على نحو يومي. نقول إن "الإنسانية لا يمكنها أن تتحمل هذه المأساة أكثر من ذلك"، لكنها تتحمل فعلًا. نحن نواجه حقًّا امتحانًا صعبًا.

أقدم الأسد على هجوم مشابه في 21 أغسطس/ آب 2013، في الغوطة الشرقية، قضى على إثره 1300 مدني بشكل رهيب، وكان قسم كبير منهم أيضًا من الأطفال. وعلى الرغم من أن أوباما أعلن استخدام السلاح الكيميائي خطًّا أحمرًا، إلا أنه لم يقدم على أي خطوة. القوات التي توجهت لاحتلال العراق بذريعة أسلحة كيميائية لا وجود لها، لم تفعل أي شيء إزاء المجزرة الحقيقية المنفذة بالسلاح الكيميائي في سوريا.

تلزم المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، الصمت في مواجهة الظلم المستمر في سوريا وبقاع العالم الأخرى. وبينما يحتضن العالم المتمدن ويحمي نظام الأسد، الواجب محاكمته في لاهاي، يبذل كل ما في وسعه من أجل إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ديكتاتورًا.

لم يشهد التاريخ في أي من مراحله هذا التوزيع غير العادل للدخل، فأكثر من نصف دخل العالم تملكه 78 أسرة. تكونت عصابة عالمية من أصحاب رؤوس الأموال تفرض نفوذها على الدول والمؤسسات الدولية، وتحتل أي منطقة ترى فيها منافسًا لها. وتستخدم في ذلك نفوذ جماعات ضغط تابعة لها على الدول.

ولا يقتصر تأثير هذا الوضع على المناطق المظلومة في العالم فحسب، فهو يضر بشرائح واسعة أصابها الفقر ولا تستطيع أن تسمع صوتها إلى حكامها في البلدان الغربية أيضًا. ولأن أحزاب الوسط فقدت احترامها نتيجة استسلامها أمام هذا النظام، فهي توجه إلى الشرائح المستاءة خطابًا سياسيًّا واجتماعيًّا هامشيًّا، وهو ما نجم عنه تصاعد الحركات اليمينية المتطرفة. يوحي خطاب الأحزاب المذكورة بأن سبب الفقر في البلدان الغربية هو اللاجئين والمهاجرين، وهي بذلك تقدم خدمة للنظام القائم.

بلغ عدد اللاجئين الفارين من بلدانهم حاليًّا 60 مليون، وهذا يعني عدد سكان بلد متوسط الحجم في الأمم المتحدة.

تفتح تركيا ذراعيها للاجئين بحسب قدرتها من جهة، وتسعى إلى تأسيس منتدى أو حركة من أجل نظام عالمي إنساني جديد من جهة أخرى. وخلال قيامها بذلك تعمل أيضًا على حماية وحدة ترابها وسلامها الاجتماعي.

ربما لن يكون العالم حديقة ورود خالية من الأشواك، لكنه ليس مجبرًا على أن يكون جحيمًا كما هو حاله الآن. النظام الإمبريالي/ الاستعماري المنفلت من عقاله والمفروض على أنه لا بديل له، يدمر العالم.

وبينما يعيش العالم حربًا عالمية ثالثة غير معلنة، يتوجب أن يحل السلام في الشرق الأوسط وأن تعود سوريا والعراق للنهوض في ظل مبدأ وحدة التراب، من أجل منع النيران من التهام الأخضر واليابس. ما لم نتمكن من توضيحه للعالم هو أن هذا النظام العالمي استنفذ أسباب وجوده، وهو على وشك الانفجار.

نأمل أن تكون مجزرة إدلب آخر مجزرة، وأن تستعيد الإنسانية عافيتها. هذا ما ندعو من أجله. ويبدو أننا لا نملك إلا الدعاء، ونحن نبذل ما في وسعنا من أجل تحقيق السلام.

عن الكاتب

ماركار إسيان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس