جلال سلمي - خاص ترك برس

بمتابعة حجم الزخم الذي تتمتع به الحملات الانتخابية الجارية اليوم في تركيا من أجل الاستفتاء الشعبي المنتظر إجراؤه في 16 نيسان/ أبريل، نلمس الأهمية الكبيرة التي توليها الأحزاب السياسية التركية لهذا الحدث الذي سيعكس تحولًا تاريخيًا إن انتهى بنتيجةٍ إيجابيةٍ لصالح "نعم".

يتعلق الاستفتاء الشعبي بالتعديلات الدستورية التي تحتوي تغيير شكل نظام الحكم في المقام الأول، وبالرغم من كون الاستفتاء ليس انتخابات، إلا أن الرؤية الحزبية السياسية تلعب دورًا كبيرًا في توجيه أصوات الناخبين. وفي ضوء ذلك، كيف تجري الحملات الانتخابية من قبل الأحزاب السياسية في تركيا؟

حزب العدالة والتنمية

يُمثل حزب العدالة والتنمية العنصر الأساسي لجبهة "نعم" بحسب ما يوضحه الخبير السياسي، يونس إيمرة، في مقاله "الأحزاب السياسية التركية وعملية الاستفتاء"، مبينًا أن أصوات حزب العدالة والتنمية خلال انتخابات حزيران/ يونيو 2015 البرلمانية بلغت 57.2%، وقُدرت بـ60.4% خلال انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 البرلمانية أيضًا.

لذلك يرى إيمرة أن شركات الإحصاء لا داعي لعملها الذي عادة ما يكون "مضللًا"، فما على المتابع للشأن التركي إلا نقل هذه الأصوات المذكورة أعلاه إلى عملية الاستفتاء، مبينًا أنه لا شك في أن "العنصر الخفي" قد يكون حاضرًا دائمًا، فالحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية تسير وفقًا لشعارات عدة أهمها؛ "الوطنية" و"المصلحة القومية" و"الاستقرار السياسي والمجتمعي"، لكن تحالفه مع حزب الحركة القومية شكل عنصرًا مزعجًا للمواطن الكردي الذي لا يرى في حزب الحركة القومية حاجزًا منيعًا أمام حقوقه وحرياته.

ويُشير إيمرة إلى أن حزب الرفاه ـ سلف حزب العدالة والتنمية ـ عقد الخناصر مع حزب العمل القومي ـ سلف حزب الحركة القومية ـ بالإضافة للحزب الديمقراطي الإصلاحي عام 1991، وعلى إثر ذلك خسر أصواته الكردية بنسبة كبيرة، موضحًا أن حزب الرفاه أضاع وجوده في مدينة ماردين، وسيرت، وشيرناق، وهكاري، وباتمان، وموش، وأغري، ودياربكر وأدي يمان ذات الأكثرية الكردية.

ويلمح إيمرة إلى أن تكرار هذه الحالة أمرًا لا يمكن حسمه، ولكن لا شك في أن ذلك سيفقد حزب العدالة والتنمية بعض الأصوات الكردية، لكن في أسوأ الأحوال قد يُبقي حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية على أصواتهم التي حصلا عليها عندما انخفضت إلى أقل مستوى، وهي 40% لصالح حزب العدالة والتنمية، و11% لصالح حزب الحركة القومية، ولرفع مستواها يحتاج الأمر إلى منح حزب العدالة والتنمية المزيد من الضمانات.

حزب الشعب الجمهوري

بدا على  الحملة الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري مواجهتها بعض الصعوبات في البداية، فقد تأخر الحزب عن النزول إلى الساحة السياسية، وربما ما يقف وراء ذلك هو تخوفه من البقاء في إطار الاستقطاب السياسي بينه وبين حزب العدالة والتنمية، لأن بقائه في هذا الإطار لا يصب إطلاقًا في صلاحه، فالحملة الانتخابية قائمة على تغيير شكل النظام، وليس أصوات برلمانية، وأي عملية استقطاب قد تُمني الحزب بهزيمة جديدة مشابهة للهزائم التي أصبحت من نصيبه منذ 2002.

ولتخطي هذه الحالة، يصف إيمرة، في مقاله المنشور على موقع الجزيرة ترك، الحملة الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري بأنها متواضعة وخافتة، ويعرف إيمرة حملة حزب الشعب الجمهوري بأنها "حملة غير عادلة"، وتنبع حالة عدم العدل من الاستراتيجية التي اتبعها الحزب نفسه، فبينما ظهر حزب العدالة والتنمية على وسائل الإعلام ما بين 1 إلى 20 مارس/ آذار بمقدر 470.5 ساعة، برز حزب الشعب الجمهوري بمقدار 45.5 ساعة فقط، والسبب في ذلك هو كسل حزب الشعب الجمهوري نفسه.

يرفع حزب الشعب الجمهوري شعار "لا لحكم الشخص الواحد" و"لنحافظ على مبادئ جمهوريتنا"، ولكن وفقاً لآراء الخبراء، هو بحاجة إلى حملات انتخابية إعلامية وميدانية أوسع من ذلك بكثير.

حزب الحركة القومية

يواجه حزب الحركة القومية الذي ساند حزب العدالة والتنمية في إعداد الدستور، معارضةً داخليةً مناوئة للتعديلات الدستورية، والتحرك المشترك القائم بين حزبهم وحزب العدالة والتنمية. وجدت المعارضة الداخلية فرصةً لإعادة إعلاء صوتها المعارضة لسيطرة زعيم الحزب الحالي، دولت باهجلي، على مفاصل الحزب منذ عام 1997، وهنا انقسم حزب الحركة القومية إلى قسمين أحدهما مؤيد والآخر معارض.

ففي حين يرفع الجانب المؤيد للتعديلات الدستورية شعار "من أجل الوطن"، "لدينا قسم للحفاظ على الوطن"، بغية مخاطبة المشاعر الوطنية العاطفية المثلى للمواطنين.

حزب الشعوب الديمقراطي

يعلق إيمرة على النشاط السياسي لحزب الشعوب الديمقراطي بالإشارة إلى أنه لم تظهر أي حملة انتخابية لحزب الشعوب الديمقراطي إلا قبل يومين أو ثلاثة، منوّهًا إلى أنه على الرغم من بدء الحملة الانتخابية المعارضة للاستفتاء الشعبي، إلا أن هذه الحملة خاملة، واقتصرت فقط على أغنية واحدة، وساعات قليلة جدًا للإعلانات المعبرة عن آراء الحملة الخاصة به، مع خفوت واضح في التحركات الميدانية المخاطبة للمواطنين بشكل مباشر.

وربما يرجع غياب قيادة الحزب عن الساحة وخفوت صوت حملته المتعلقة بالاستفتاء، إلى تعرضهم للمحاكمة بتهمة دعم منظمات إرهابية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!