د. زبير خلف الله - خاص ترك برس

وثيقة حركة حماس الجديدة تعد منعطفا جديدا في بنية الفكر السياسي للحركة وتعبر عن أسلوب جديد تتبناه في التعاطي مع العديد من الملفات الداخلية أو مع الكيان الصهيوني أو مع الملفات الإقليمية والدولية ضمن خارطة التوازنات الجديدة وفي سياق الخارطة الجيوستراتيجية التي بدأت تظهر ملامحها من جديد وتنبئ بنهاية النظام العالمي القديم وتشكل نظام عالمي جديد وبقوى دولية أخرى صاعدة في العالم.

وثيقة حماس الجديدة تخرج الحركة من حالة الحرج الفكري والسياسي والعقدي القديم والقائم على عدم التفاوض مباشرة مع الكيان الصهيوني إلى حالة جديدة وهي التفاوض بشكل مباشر مع الاحتلال وفهم رؤيته دون اللجوء إلى الوساطات الإقليمية والدولية والتي خسرتها الكثير من المواقف ومن المطالب بسبب خيانة الوسطاء لها وانحيازهم إلى الكيان الصهيوني.

حماس اليوم ستسحب أيضا البساط من تحت أقدام عباس وستفرض نفسها لاعبا جديدا في سياق المفاوضات وفي التأثيرات الإقليمية والدولية.

ويعد هذا وحده منعطفا مهما في الفكر السياسي للحركة ويزج بها في بحار السياسة الدولية كطرف فاعل فيها.

وثيقة حماس ستعطي ديناميكية جديدة للقضية الفلسطينية ويجعلها أكثر واقعية في التعاطي مع مجمل الملفات الشائكة والابتعاد عن الطوباوية السياسية التي أفقدتها عدة مواقع مهمة سواء على مستوى الداخل الفلسطيني أو على المستوى الإقليمي والدولي.

وثيقة حماس رغم انها تحافظ على صفتها كحركة مقاومة إلا أنها تنقلها إلى حركة سياسية تسعى إلى تشكيل دولة مستقلة تجمع كافة شرائح الشعب الفلسطيني وتتبنى الخيار الديمقراطي ومفهوم الدولة المدنية مع الحفاظ خيار المقاومة ولكن في سياق البنية الهيكلية للدولة.

وثيقة حماس تتقارب نوعا ما في بعض خيارات حركة فتح خصوصا في مفهوم الدولة والنضال المدني على المستوى السياسي لكنها تحافظ على خيار المقاومة المسلحة في سياق الدولة المدنية.

لكن يبقى السؤال هل هذه الوثيقة التي باتت تؤمن بمشروع دولة فلسطينية وفق حدود 1967 هو اعتراف ضمني بالكيان الصهيوني في منطقة 1948 رغم أن الوثيقة أعلنت أنها لن تعترف بإسرائيل؟

هل بات منهج حماس يتجه إلى نفس خيارات فتح مع الحفاظ غلى جملة من الثوابت كالمقاومة ولكن المقاومة في إطار الدولة الجديدة؟

هل اكتشفت حماس أن أسلوب التفاوض هو الأكثر فاعلية لإخراج الحركة من حالة العزلة الدولية إلى المقبولية الدولية ورفع صفة الإرهابية عنها؟

عدة أسئلة في الحقيقة تطرحها هذه الوثيقة على الرغم من إعجاب الكثير بها لكنها تبقى أسئلة تبحث عن أجوبة على مستوى الفعل السياسي.

عن الكاتب

د. زبير خلف الله

كاتب - المركز العربي التركي للتفكير الحضاري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس