قدير أوستون - الجزيرة الإنجليزية - ترجمة وتحرير ترك برس

كانت الغارات الجوية التي شنتها تركيا في 25 أبريل/ نيسان على مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق ووحدات حماية الشعب التابعة لها في سوريا غير متوقعة، لكنها لا ينبغي أن تفاجئ أحدا.

تؤكد تركيا باستمرار أن وجود حزب العمال الكردستاني فى منطقة سنجار العراقية غير مقبول. وبعد شهرين فقط من عملية درع الفرات في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بأن تركيا لن تسمح أن تكون سنجار "قنديل الجديد"، في إشارة إلى قاعدة عمليات الجماعة الإرهابية في شمال العراق.

وفي حين كرر المسؤولون الأتراك معارضتهم لوجود حزب العمال الكردستاني في سنجار عدة مرات، طلب مسؤولون من حكومة إقليم كردستان أيضا من حزب العمال الكردستاني مغادرة المنطقة.

في أوائل مارس/ آذار 2017، اندلعت اشتباكات بين الميليشيات اليزيدية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني ومقاتلي البيشمركة في إقليم كردستان العراق، مما يدل على زيادة التوترات بين الجماعات الكردية التي يغذيها الوجود المستمر لحزب العمال الكردستاني في المنطقة.

تقع جبال قنديل على طول الحدود العراقية الإيرانية في شمال شرق العراق. ويستغل حزب العمال الكردستاني منذ فترة طويلة التضاريس الجبلية ويستخدم قواعده هناك لتدريب مقاتليه وتزويدهم بخطط الهجمات وتقديم الدعم اللوجستي. ومن شأن وجود قاعدة مماثلة في سنجار أن يساعد حزب العمال الكردستاني على العمل في شمال غرب العراق، وهي منطقة قريبة من الحدود السورية ذات أهمية حاسمة في مكافحة  تنظيم الدولة (داعش) في العراق والشام. يجب على المخططين العسكريين الأمريكيين أن يراهنوا على وعود وحدات المقاومة في سنجار المرتبطة بحزب العمال الكردستاني للمساعدة في قطع طريق تنظيم الدولة الإسلامية بين الموصل والرقة.

ضغط على العلاقات الأمريكية التركية

لا تعارض تركيا نفوذ حزب العمال الكردستاني في المنطقة فقط ، لكنها تعارض كذلك قرار الولايات المتحدة التكتيكي الواضح باستخدام حزب العمال الكردستاني ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتفضل تركيا مزيجا من قوات البيشمركة ومقاتلي الجيش السوري الحر لأخذ زمام المبادرة في القتال ضد تنظيم الدولة (داعش) في العراق والشام، لأن هذه الجماعات لا تشكل تهديدا للأمن الوطني التركي.

ومن ناحية أخرى فإن حزب العمال الكردستاني لم يستمر في شن هجمات ضد تركيا فحسب، بل سعى أيضا إلى إقامة منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا عبر حزب الاتحاد الديمقراطي التابع له، من خلال عقد صفقات مع الجهات المؤثرة البارزة في الحرب السورية، بما في ذلك روسيا.

إن إنشاء حزب العمال الكردستاني مركزا وقاعدة لعملياته في سنجار أمر بالغ الأهمية له، لكن تحقيق هذه الخطة من شأنه أن ينتهك الحدود العراقية السورية انتهاكا سافرا، تماما مثلما حاول تنظيم الدولة (داعش) في العراق والشام عمل ذلك في الماضي.

ويبدو أن القادة العسكريين الأمريكيين يعدون مقاتلي حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا حلفاء في معركة داعش.وذهبت القيادة المركزية الأمريكية إلى أبعد من ذلك،حيث تسير في الوقت الحالي بدوريات على الحدود السورية التركية لتثبيط التصعيد والعنف بين شريكين من أوثق شركائها في المعركة من أجل هزيمة تنظيم الدولة (داعش).

لم يخف الجيش الأمريكي استيائه من الضربات الجوية التركية لحزب العمال الكردستاني والتابعين له في العراق وسوريا على الرغم من أن الولايات المتحدة وتركيا من المفترض أن تكونا جزءا من التحالف المناهض لتنظيم داعش. وفي الوقت نفسه، لم يصدر الرئيس ترامب ولا المسؤولون الأمريكيون على المستوى الحكومي أي تصريحات ضد العمليات التركية.

ومن المؤكد أن الاجتماع القادم بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره التركي سيتضمن مناقشات مكثفة حول الانفصال الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وتركيا فى الحرب على داعش وتأثير حزب العمال الكردستاني على الأرض. بيد أنه سيكون من الصعب حل هذه المسألة في اجتماع واحد.

سيحتاج الجانبان إلى تكرار الحديث بعمق عن خطة عسكرية للقضاء على تنظيم داعش، لكنها سيحتاجان أيضا وهو الأهم إلى الاتفاق على خطة سياسية من شأنها أن تثبت الاستقرار على أرض الواقع في سيناريو ما بعد تنظيم الدولة (داعش). ولسوء الحظ  كانت جهود التحالف المناهض لتنظيم داعش تكتيكية إلى حد كبير وخلقت مساحة للجهات الفاعلة غير الحكومية مثل حزب العمال الكردستاني للاستفادة من فراغ أمني يغطي العراق وسوريا.

هناك دلائل تشير إلى أن إدارة ترامب قد تعمل على نهج أكثر عمقا يعطي الأولوية للاستراتيجيات طويلة الأجل على المكاسب التكتيكية على المدى القصير.

إن أي سيناريو يمكِّن أو يضفي شرعية على التنظيمات التابعة لحزب العمال الكردستاني سيؤدي بالتأكيد إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، ويخاطر بإضعاف العمليات المناهضة لتنظيم الدولة (داعش). ومن الواضح من نتيجة هجمات 25 أبريل/ نيسان أن تركيا عازمة على الحد من مدى نفوذ حزب العمال الكردستاني وأتباعه وتأثيره على أسس الأمن القومي. وبعيدا عن متطلبات الأمن القومي في تركيا، من الصعب أن نرى كيف يمكن أن يسهم السماح لحزب العمال الكردستاني بالسيطرة على المدن ذات الأغلبية العربية وإقامة منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل.

يجب على إدارة ترامب أن تتجاوز الانتصارات التكتيكية وأن تأخذ وقتها لوضع استراتيجية أكثر حذرا لتفادي إقصاء الحلفاء الرئيسيين، مثل تركيا، وإقامة حملة دائمة ضد داعش.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس