بارين كاي أوغلو - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب في الثامن من مايو/ أيار أن الولايات المتحدة ستسلح وحدات حماية الشعب الكردية السورية وحلفاءها قوات سوريا الديمقراطية " قسد"، انشغلت واشنطن بتهدئة مخاوف تركيا. يرجع غضب تركيا من هذا القرار إلى أنها تعد وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل أنقرة من أجل الحكم الذاتي منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وقد حذر الجانب التركي حليفه الأمريكي من أن قرار تسليح وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية قد تكون له نتائج عكسية. ومن الجدير بالذكر أنه في الوقت الذي نشرت فيه وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة تهديدات مستترة في عناوينها الرئيسة في 11 مايو/ أيار، دعت صحيفة أيدنليك المعارضة العلمانية المتشددة الحكومة إلى إغلاق قاعدة إنجرليك الجوية، وهي نقطة انطلاق حاسمة للعمليات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة (داعش) في سوريا. ودعت صحيفة سوزجو المعارضة أيضا، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إلغاء زيارته القادمة لواشنطن.

يبدو أن الجانب الأمريكي يدرك الحساسية التركية في هذه المسألة. وفي اجتماع عقد في لندن مع رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في الحادي عشر من مايو، قال وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن تركيا. كما بدا ماتيس واثقا عندما قال أثناء زيارته ليتوانيا في العاشر من مايو عندما قال إن الولايات المتحدة "ستعمل على تبديد مخاوف تركيا من تسليح وحدات حماية الشعب".

لكن هل يمكن للأمريكيين حقا أن يخففوا المخاوف التركية من قرار ترامب بتسليح الأكراد السوريين مباشرة؟

بليدا كورتدارجان، المحلل الأمني العالمي والمحاضر في كلية الحقوق بجامعة غلطة سراي في إسطنبول، ليس متأكدا من قدرة الولايات المتحدة على ذلك. وقال للمونيتور: "رأينا مشكلة مماثلة في العراق. وخلال الاحتلال الأمريكي للعراق في العقد الأول من القرن الماضي، كان من المفترض أن يكون لدى متعهدي الأمن الخاص الأمريكيين أسلحتهم المسجلة. ومع ذلك، انتهت بعض الأسلحة إلى أيد خاطئة. وكانت هناك حتى حالة قام فيها بعض العاملين في شركة بلاك ووتر للأمن الخاص ببيع أسلحة إلى حزب العمال الكردستاني".

وأضاف كورتدارجان: "إذا كانت  الولايات المتحدة لم تتمكن من السيطرة على المستخدم النهائي لأسلحتها العسكرية وأسلحة متعهديها العسكريين عندما كانت العراق تحت الاحتلال الأمريكي، فكيف يمكننا أن نتوقع أنها ستتحكم في المستخدم النهائي في بيئة معركة ديناميكية مثل سوريا؟".

وأضاف المحلل التركي: "أقدر أن ماتيس أبدى حسن النية تجاه تركيا... لكن الولايات المتحدة لديها بضع مئات من القوات الخاصة العاملة على الأرض الذين لن يتمكنوا من التحقق من الأسلحة والذخائر لدى نظرائهم الأكراد في جميع الأوقات. وقال كورتادارجان إن بعض الأسلحة الثقيلة مثل ناقلات الجنود المدرعة وعربات الدفع الرباعي يمكن إحصاؤها، لكن من غير الممكن إحصاء القنابل اليدوية والبنادق والقذائف الصاروخية.

وتابع قائلا إن الجانب الإيجابي لهذا الحدث في العلاقات الأمريكية التركية هو أن قائمة الأسلحة التي ستسلمها الولايات المتحدة إلى وحدات حماية الشعب لا تشمل الأسلحة المضادة للطائرات. وقال كورتدارجان إنه نظرا لأن تركيا تفضل شن ضربات جوية ضد وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق، فإن ترسانة وحدات حماية الشعب من الأسلحة الأمريكية لن تكون ذات فائدة ضد تركيا.

سيكون تغيير اللعبة توغلا محتملا في سوريا أو العراق. وكما أشار متين غورجان في مقاله في المونيتور في أبريل/ نيسان، إلى أن أنقرة بعد انتهاء عملية درع الفرات في شمال سوريا، تزن خياراتها لإجراء عمليات مماثلة عبر الحدود في المستقبل، خاصة أن هناك تأييدا عاما لاستئصال الإرهابيين.

ولكن كورتدارجان يقول إن من المستحيل فى هذه الحالة على الولايات المتحدة منع وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية من استخدام أسلحتها الأمريكية ضد الأتراك. ويضيف: "هب أن الغارات الجوية التركية في 25 أبريل/ نيسان على وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني قد تكررت، فهل يمكن للولايات المتحدة أن تمنع الأكراد السوريين من استخدام أسلحتهم ضد تركيا، خاصة إذا كانت هناك عملية برية تركية أيضا؟ وإذا نفذت تركيا عملية برية في شمال سوريا وشمال العراق، فإن الأمريكيين لن يتمكنوا من منع استخدام أسلحتهم ضد الأتراك".

هذا السيناريو كابوسي. ففي الثالث من مايو، وردًا على سؤال حول الغارات الجوية التي وقعت في 25 أبريل/ نيسان، قال إلنور تشيفيك أحد كبار مستشاري أردوغان، إنه إذا تجاوزت وحدات حماية الشعب والمستشارون العسكريون الأمريكيون الحدود، فإن قواتنا لن تهتم بوجود المدرعات الأمريكية هناك أم لا... بعض صواريخنا يمكن عن طريق الصدفة أن تضرب وحدات حماية الشعب وقوات الولايات المتحدة.

سيكون محور العلاقات الأمريكية التركية في الأيام المقبلة تهدئة المخاوف التركية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس