محمود سمير الرنتيسي - خاص ترك برس

وفقاً لتقرير "المساعدات الإنسانية العالمي" لعام 2014، الصادر عن "مؤسسة المبادرات التنموية"، التي تعنى بشؤون مصادر المساعدات الإنسانية، ومستلميها، وطرق توزيعها فإن  تركيا قد نالت لقب "البلد الأكثر سخاءً"، من خلال تبرعاتها.

وقد وصلت التبرعات التركية إلى 1.6 مليار دولار، والذي يقابل 0.21% من دخلها القومي الإجمالي، وتلتها دولة الكويت التي خصصت 0.20% من إجمالي دخلها القومي للمساعدات، ثم لوكسمبورغ الواقعة غرب أوروبا، والتي تُعد إحدى أصغر دول أوروبا مساحةً وسكاناً، بنسبة 0.15%.

وخلال العقد الماضي أصبحت المساعدات التركية عنصرا أساسيا في السياسة الخارجية التركية حيث برزت تركيا كدولة مستجيبة ومتفاعلة مع معالجة الأازمات العالمية.

ويمكننا الاستشهاد حول فاعلية وسرعة المساعدات الانسانية التركية عموما بما قاله عمدة مقديشو الصومالي محمد نور" في يناير 2013: "إذا قمت بطلب أجهزة حاسوب قيمتها 7 آلاف دولار من الأمم المتحدة فسوف يستغرق الطلب عدة شهور وسوف ينفقون 50 ألف دولار كأثمان لها وتقييمات حتى تصل، أما إن طلبتها من تركيا فسوف تصل الأسبوع المقبل".

وقد ارتفعت نسبة المشاريع والمساعدات التي نفذتها تركيا بشكل واضح منذ عام 2002، فعلى سبيل المثال نفّذت مؤسسة تيكا في عام 2002 قرابة 360 مشروعا فيما نفذت 1880 مشروعا في 2012، وفيما كانت المعونة الرسمية لتركيا 85 مليون دولار في 2003 فإنها وصلت إلى مليار دولار في 2012 وإلى 1.6 مليار في 2014.

وتعد مؤسسة تيكا هي المسؤولة عن تنفيذ سياسات التعاون الإنمائي التركي، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى.

وفي سياق الدعم المستمر من الحكومة التركية للقضية الفلسطينية والعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني فإن هذا الأمر ينطبق على قطاع المساعدات الإنسانية.

حيث تملك العديد من المؤسسات الخيرية والحكومية التركية فروعا لها في فلسطين لتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للفلسطينيين أبرزها "وكالة التنسيق والتعاون والتنمية التركية (تيكا)"، و"هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH)"، وجمعية "ياردم إلي" وإضافة إلى مؤسسة "الهلال الأحمر التركي". وتتعاون مؤسسات أخرى مع تيكا مثل الهلال الأحمر وآفاد، وغيرها.

وعلى سبيل المثال قدمت "آفاد" التركية، مساعدات طبية، وأدوية، إلى غزة إثر تعرضها لهجمات الاحتلال الصهيوني خلال العدوان الأخير، حيث بلغ قيمة تلك المساعدات 1.5 مليون دولار، وتواصل "آفاد" إرسال 15 ألف طن من الدقيق لسد احتياجات الغذائية لسكان القطاع.

ولكن النصيب الأكبر للمشاريع في فلسطين يبقى لمؤسسة تيكا، فمن المشاريع التي قامت وتقوم بها تيكا في فلسطين على سبيل المثال مشروع بناء مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني وسيكون أكبر مستشفى في قطاع غزة، إضافة لمستشفى طوباس في الضفة الغربية، كما تدعم تيكا عملية إنتاج الزيتون عبر إنشاء معاصر وتقديم آلات حصاد  للمزارعين.

وتقوم تركيا بترميم عدد من الآثار العثمانية في فلسطين مثل برج ساعة السلطان عبد الحميد في نابلس، وعلى صعيد قطاع التعليم قامت تيكا بانشاء عدد من المدارس والمراكز التعليمية في الضفة وغزة.

وعلى صعيد المقدسات فإنها قامت بإعادة طلاء قبة الصخرة وطلاء هلال القبة بالذهب، كما قامت بترميم مساجد ومقدسات مثل المسجد العمري في غزة ومقابر في أماكن مختلفة.

أما على صعيد المياه فقد قامت بإنشاء خزانات مياه مثل خزان مدينة جباليا وتأمين المياه الصحية لـ 600 ألف طالب، وتم افتتاح عدد من الآبار التي ستؤمن المياه لأكثر من 800 ألف مواطن.

أما في مجال الأدوية والمستلزمات الطبية والإغاثية فقد سلمت تيكا وبقية المؤسسات التركية للمستحقين أعداداً كبيرة منها بالأطنان خاصة خلال فترات الحرب والقصف.

كما جمعت "تيكا" تبرعات من خلال وزارة الأوقاف التركية بمقدار 57 مليون ليرة تركية، وسوف يتم تقديمهم لمتضرري العدوان  في غزة.

ويقوم كل ما سبق على ما يسمى الدبلوماسية الإنسانية التي تأتي في إطار الرؤية التركية لتحقيق العدالة الإنسانية وتقديم تركيا كنموذج وقد عرف داود أوغلو تركيا على أنها "أمة متحركة" تستجيب لمعاناة الآخرين.

وبالفعل تحظى تركيا بالاحترام والتقدير  لما تقوم به من أدوار إنسانية أخلاقية تجاه الأزمات وخاصة في القضايا المركزية مثل قضية فلسطين وبالتأكيد يساهم هذا في تشكيل صورة إيجابية غير تقليدية للهلال التركي في قلوب وعقول الشعوب.

عن الكاتب

محمود الرنتيسي

باحث فلسطيني في مجال العلاقات الدولية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس