أوكان مدرس أوغلو - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

لم تتوصل أنقرة إلى اتفاق مع واشنطن بخصوص "عملية الرقة". تابعت الإدارة الأمريكية الجديدة سياسة أوباما، وتبنت تسليح وحدات حماية الشعب الإرهابية.

لكن لماذا؟

منذ ولاية أوباما الثانية والفاشلة فضلت الولايات المتحدة البحث عن متطوعين يقاتلون نيابة عنها عوضًا عن إرسال قواتها إلى الشرق الأوسط. دفع هذا الخيار واشنطن إلى إقامة تعاون مع التنظيمات أكثر من حلفائها. وتوافقت سياسية أوباما بشأن سوريا في عدم إرسال قوات أمريكية مع مقاربة ترامب في صرف طاقته نحو الشؤون الداخلية أكثر من قضايا السياسة الخارجية.

بلغت أولوية ترامب في بناء الولايات المتحدة من الداخل حد وضع الزعامة الاستراتيجية العالمية لبلاده، في المرتبة الثانية. وهذا ما جعل المشهد الإقليمي والدولي في حالة من الفوضى. من الآن فصاعداً لن تتقدم العلاقات الدولية في مسار الشراكة طويلة الأمد. فالبلد المتفق مع آخر بخصوص حل مسألة ما قد يكون على الجانب الآخر في مسألة أخرى.

لنعد الآن إلى سؤالنا الرئيسي.. لماذا تصر الولايات المتحدة على تطهير الرقة بالاستعانة بوحدات حماية الشعب الإرهابية؟ أو لماذا لم توافق على مقترح حليفتها التقليدية تركيا؟ تدعي واشنطن أن تركيا لم تقدم خطة "مقنعة!". مع أن أنقرة حاولت إقناعها بعملية مشتركة يقوم بها الجيش الحر والقوات التركية، اللذين نفذا عملية درع الفرات بنجاح، بالتعاون مع التحالف الدولي.

لكن لماذا لم يتفق الطرفان؟ لم تقتنع الولايات المتحدة بنشر تركيا المزيد من قواتها في سوريا، كما أنها اعتبرت خيار مرور القوات التركية من ممر آمن سيؤدي إلى الكثير من الضعف في مناطق سيطرة حزب العمال الكردستاني. والأهم من ذلك قول واشنطن إن مقترح أنقرة سيؤدي إلى دخول 10 آلاف جندي أمريكي في اشتباكات ساخنة.

حتى إن قيل العكس، فإن هناك قوات أمريكية في سوريا. لكن الجانب الأمريكي يصر على أنها مكونة من مدربين محترفين من المستشارين أو العسكريين السابقين، ولن يشاركوا في القتال أبدًا.

والنتيجة تشير إلى أن الطرفين يركزان على سؤال "هل سيموت الجندي الأمريكي، أم سيسقط الجندي التركي شهيدًا؟". والولايات المتحدة تتغاضى عن مغبة استخدام تنظيم إرهابي (وحدات حماية الشعب) للقضاء على تنظيم آخر (داعش). إن لم تتغير الظروف التي أوجدت داعش وأتاحت له التمدد في ظل الاستخبارات الأمريكية في بادئ الأمر، فهل يمكن أن ينتهي التوتر في المنطقة؟ بالطبع لا.

تؤكد المعطيات المتوفرة أن الولايات المتحدة تتبع سياسة تضمن أمن إسرائيل، وتضع تركيا على دكة الاحتياط، وتمارس ضغوطًا على إيران، وتتقبل سلسلة من الاقتتال الخفيف القائم على أساس عرقي أو طائفي في المنطقة.

وإلى حين انتهائها من ترتيب بيتها الداخلي تبدو الولايات المتحدة وكأنها تبنت استراتيجية إبقاء الشرق الأوسط على صفيح من نار، وترك أوروبا تصارع أزماتها الداخلية، وإيقاف تصاعد قوة الصين.

عن الكاتب

أوكان مدرس أوغلو

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس