برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

بينما تستعد الولايات المتحدة لضرب النظام السوري بسبب تحضيراته لتنفيذ هجوم كيميائي، تدور الأحاديث عن أن إطلاق أنقرة عملية "درع الفرات الثانية"، مسألة وقت. 

وبعد تحديد مناطق خفض التوتر في إدلب والقصف التركي لعفرين، تناقلت وكالات الأنباء خبر اتفاق تركيا ورسيا على صفقة صواريخ إس-400. وعقب هذا التطورات، لم يخف على المتابعين معنى تصريح وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بأن بلاده ستواصل تسليح وحدات حماية الشعب.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد في خطاباته الأخيرة أن الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب لا يتناسب مع مبادئ حلف الناتو. 

يمكننا استخلاص نتيجتين من هذه التطورات في سوريا.

الأولى،  لم تعالج تركيا والولايات المتحدة تدهور العلاقات، الذي بدأ بينهما في مايو/ أيار 2013، على العكس، هناك مؤشرات على تسارعه. والسبب الرئيسي في هذا التدهور موقف إدارة أوباما بعدم مراعاة مخاوف تركيا الأمنية الناجمة عن الحرب السورية (تهديدات وحدات حماية الشعب، الحاجة لأنظمة دفاع جوي). 

لم تلبِّ قمة ترامب- أردوغان التطلعات، فالإدارة الأمريكية الجديدة واصلت سياسات "تضخيم وحدت حماية الشعب كوكيل لها"، ولم ترَ في دعم تنظيم إرهابي (وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني) يهدد وجود تركيا حليفتها في الناتو، مخالفة لمبادئ التحالف. مضى وقت طول على تخلي واشنطن عن أنقرة. ولهذا لا يحق لها خلق توتر على خلفية طلب تركيا الحصول على صواريخ إس-400. 

سياسات التهميش الأمريكية هي ما دفع أنقرة للعمل مع موسكو في سوريا. ومع ذلك فإن تركيا، التي تخطط لشراء منظومة إس-400 من أجل تلبية احتياجاتها الأمنية خارج إطار الناتو، لم تلغِ بعد مسألة التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا. ولا تتوانى أنقرة في تقديم العروض لواشنطن في قضية مكافحة تنظيم داعش، بما في ذلك عملية الرقة. والسبب الحقيقي في تدهور العلاقات التركية الأمريكية هو عدم وجود سياسة شاملة لواشنطن بشأن سوريا، لا في عهد أوباما ولا في عهد خلفه ترامب. كما أن الأخير وضع هدفًا كبيرًا له هو حصار إيران. 

ولا يبدو ممكنًا للإدارة الأمريكية أن تمسك بزمام المبادرة في سوريا من خلال تهميش تركيا ودفعها باتجاه المحور الروسي الإيراني. واتباع نهج أوباما أو ضرب النظام السوري بسبب "التحضير لهجوم كيميائي" لا يغير المعادلة في سوريا. سياسة واشنطن قصيرة النظر في سوريا لا تقف عند حد تعزيز المحور الروسي الإيراني، وإنما تدفع تركيا يومًا بعد يوم نحو روسيا. 

تملك أنقرة الكثير من الاعتراضات على تصريح ماتيس بأن الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب "ليس اختياريًّا وإنما وضع مؤقت قصير الأمد ناجم عن حالة اضطرار". ولهذا فإن سعي تركيا لشراء منظومة إس-400 من روسيا والتباحث معها بشأن عملية عفرين ليس مؤشرًا على معادلة جديدة في سوريا. على العكس هو تسارع في عهد ترامب لخطوة بدأها أوباما. وهو أيضًا خطوات "اضطرارية" تعتزم أنقرة الإقدام عليها بما يتوافق مع تعريف واشنطن لـ "التحالف الجديد".

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس