نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تعمل تركيا على مواجهة زخم الأجندة الداخلية والخارجية، حيث تشهد الحدود الجنوبية لها تطورات هامة سيكون لها آثار على مدى السنوات القادمة. فالجيش العراقي أعلن تحرير الموصل من تنظيم داعش بدعم من الولايات المتحدة وإيران. وحرر المدينة بسكانها المليون وسبع مئة ألف نسمة لكن في حالة خراب. انتهت المعارك في المدينة لكن ليس من المعروف متى تضع الحرب أوزارها.

ولسوف نرى فيما إذا كان ضعف الرابطة العاطفية وانعدام الثقة بين "المحرِّرين" و"المحرَّرين" سيؤديان إلى السلام أم إلى صدام من نوع آخر. يجمع المتابعون على الخيار الثاني، ويتوقعون أن يواصل تنظيم داعش هجماته، وأن تؤدي مأساة المدنيين في الموصل والموقف الطائفي للحكومة ربما إلى انضمام عناصر جديدة للتنظيم. ويقولون إن تزايد النفوذ الإيراني سيساعد على ذلك.

أمر آخر يجب وضعه بعين الاعتبار، وهو مواصلة بارزاني الاستعدادت لإجراء استفتاء على انفصال الأكراد عن العراق في وقت يعاني فيه الأخير من الضعف. تطبيق القرار سيزيد من التوتر في المنطقة ويغير التوازنات فيها.

المشهد على الساحة السورية، الامتداد الطبيعي للحرب على داعش، شديد التعقيد. فالولايات المتحدة المسيطرة على غرب الفرات تعمل على إبعاد الميليشيات الشيعية الموالية لإيران عن الحدود السورية الشرقية، وتحاول تطبيق اتفاق مناطق خفض النزاع من أجل أمن حليفيها الأردن وإسرائيل. وتتبع واشنطن في هذا الخصوص أسلوبًا لا يصل إلى حد الصدام الساخن مع موسكو، لكنه لا يتيح في الوقت ذاته فرصة التعاون الوثيق معها.

ومن أجل فهم هذه التطورات بالنسبة لتركيا يجب إلقاء نظرة أقرب. أدلى قائد القوات المركزية الأمريكية جيمس فوتيل إلى صحيفة تامبا باي تايمز بتصريحات مثيرة للاهتمام، فقال إن عملية الرقة تختلف عن الموصل. وأوضح أن الحرب قد تطول وتزيد استعارًا بسبب استعدادت داعش والضغوط الناجمة عن هزيمته في الموصل وفقدانه الأراضي.

وتحدث فوتيل عن المخاوف المشروعة لدى تركيا بخصوص حزب العمال الكردستاني، لافتًا إلى أن حملات بلاده في سوريا كان لها هزات ارتدادية أثرت على المشاكل المعقدة وزادت من صعوبة العمل. ويتضح من تصريحات فوتيل أن بلاده تتبع في سبيل التغلب على هذه العقبات، استراتيجية مكونة من ثلاث نقاط، الإعراب عن تفهمها المخاوف االتركية، واتباع الشفافية في الحديث عن أهدافها، واتخاذ تدابير تقلل من احتمال نشوب قتال.

قررت الإدارة الأمريكية مواصلة التعاون العسكري مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، والاستمرار في الإدلاء بتصريحات تعتبر تركيا محقة في مخاوفها. وبالتوازي مع ذلك سعت إلى الحيلولة دون الاصطدام العسكري بين تركيا وحزب العمال، وهو ما سيصعّب تحركاتها في سوريا.

كل هذه النقاشات والتطورات تعيد إلى الأذهان تجربة تاريخية شهدتها منطقتنا. إبان الحرب العالمية الثانية. حارب يهود فلسطين مع الجيش الإنكليزي، وبعد ذلك استخدموا الخبرات التي اكتسبوها في تأسيس إسرائيل، واستهدفوا الإنكليز والعرب. ورغم استمرار الإدارة الأمريكية في الإدلاء بتصريحات مطمئنة لتركيا، ليس هناك أي ضمانة في عدم اتباع حزب الاتحاد الديمقراطي أسلوبًا مشابهًا في السنوات القادمة بعد أن خبر القتال والحرب.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس