نهاد علي أوزجان - صحيفة ملليت - ترجمة وتحرير ترك برس

تواصل سوريا المحافظة على مكانتها في الأجندة التركية. سير الأحداث يشير إلى أن المشهد لن يتغير لفترة طويلة. وسط الأسبوع الماضي التقى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس نظيره التركي فكري إشق، على هامش اجتماع وزراء دفاع الناتو، وتباحثا في الشأن السوري. في اليوم نفسه زار بريت ماكغورك، المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي ضد داعش، قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، وطلب من تركيا، بلغة دبلوماسية، ألا تعقّد مهمة بلاده.

بحسب وسائل الإعلام، تناولت محادثات إشق مع ماتيس قائمة طويلة من القضايا، أهمها العملية العسكرية في الرقة. ووفقًا لمصادر تركية فإن ماتيس أفاد بأن تعاون بلاده مع حزب الاتحاد الديمقراطي "ليس خيارًا وإنما وضع مؤقت واضطراري".

يبرز في هذا التصريح الرامي إلى تهدئة خاطر تركيا تعبيران جديران بالملاحظة. العلاقة "الاضطرارية" و"المؤقتة". نأمل أن تكون واشنطن أوضحت للمسؤولين الأتراك كيف تضطر قوة عظمى كالولايات المتحدة للتعاون مع حزب (الاتحاد الديمقراطي) مثير للجدل بدوره وصفته. يُحتمل أنها عللت الأمر بقرار اتخذه أوباما ينص على عدم مشاركة الجنود الأمريكيين في الصفوف الأولى للقتال.

وفي هذه الحال، لا بد أن واشنطن أتمت القصة بأن حزب الاتحاد الديمقراطي مناسب تمامًا لتلبية حاجة الولايات المتحدة لتنظيمات محلية تقاتل في البر، مؤكدة على "عدم وجود علاقة بين حزب العمال الكردستاني.

غير أن المشهد يبدو مختلفًا اليوم. الهدف الأساسي من التعاون بين الولايات المتحدة وحزب الاتحاد الديمقراطي كان في البداية هزيمة داعش وإخراجه من مناطق سيطرته. لكن بعد فترة قصيرة تغير الأمر. يشير الوضع السياسي والعسكري المتغير في الشرق الأوسط عمومًا وسوريا خصوصًا إلى تغير سريع في تنوع ومحتوى "الاضطرار" الذي تحدث عنه ماتيس.

من الواضح أن الولايات المتحدة ستبقى في المنطقة وستواصل علاقاتها مع حزب الاتحاد الديمقراطي  حتى لو فقد داعش سيطرته على مناطق شرق الفرات. فمنع الهجمات الإرهابية المحتملة وإقامة النظام يحتاجان وقتًا طويلًا تمامًا كما هو الحال بالنسبة للانجاز الأمريكي الكبير في أفغانستان والعراق... ليس مفاجئًا أن يستغرق تحقيق النظام 20-30 عامًا. وفوق ذلك تنص الاستراتجية الجديدة على إقامة النظام بواسطة القوى المحلية دون تدخل القوات الأمركية كثيرًا. وفي هذه الحالة فإن الوجود السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الحليف المحلي المؤكد إخلاصه سيوفر مشروعية وجود القوات الأمريكية في سوريا.

وبعبارة أخرى، من غير الممكن التفكير أن علاقة واشنطن- حزب الاتحاد الديمقراطي ستكون مؤقتة. كما أن "الاضطرار" المخيم على العلاقة المذكورة يعمل على تشكيل مركز قوة جديد في سوريا. وبذلك سيكون بإمكان الولايات المتحدة التدخل بشكل أشمل في العراق، والمساعدة على حماية حدود حليفها الأردن، وعدم ترك روسيا مفلتتة العنان في سوريا، إضافة إلى لجم الطموحات الإيرانية، ووضع حدود لتركيا. أعتقد أن هذا الإطار يوضح بشكل أفضل لماذا تحول التحالف الأمريكي مع حزب الاتحاد الديمقراطي إلى علاقة "اضطرارية".

عند الأخذ في عين الاعتبار المشهد السياسي في المنطقة والمشاكل والأطراف وطبيعة التهديدات ومصالح الولايات المتحدة، يصبح من الأفضل الاستماع إلى ماكغورك ومتابعة تحركاته عوضًا عن تصديق وصف ماتيس تحالف بلاده مع الاتحاد الديمقراطي بأنه "مؤقت"...

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس