سعيد المحفوظ الغامدي - خاص ترك برس

في ذكرى الانقلاب المهزوم لا يسعنا إلا أن نتذكر قول الله عز وجل في سورة الصافات أعوذبالله من الشيطان الرجيم

فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)

باختصار

الانقلابات باتت موضة قديمة !

الأعداء الآن لا يبحثون عن نجاح الانقلابات بقدر ما يبحثون عن اندلاع الحروب الأهلية

الانقلابات لم تعد تجدي في نتائجها لما يبحثون عنه فمنظر اللاجئين السوريين والعراقيين أدهشهم وأسال لعابهم ..

يبحثون الآن عن ذل،  قهر، ظلم، جوع، وخوف ، وضياع الأمن للشعوب الإسلامية  ...  يفرحون وهم يرون  بعض المطالبين بحقوق شعوبهم يأتي إليهم طالباً الحصول على مساعدات لتخليصهم من جبروت وظلم حكامهم وطمعاً في الحصول على الأمن المفقود والغذاء والكرامة المسلوبة.

نجاح الانقلاب يجعله في مواجهة مع الجيش السري لحزب العدالة والتنمية، والنتائج لا شك ستكون: لاجئون أتراك! هم يكرهون أن يكون هناك دولة قائمة..حتى وإن كانت قامعة؛ لأنها مستقبلاً ستعيدها للإسلاميين مرة أخرى  كما حصل سابقاً في تركيا

تأمل الانقلابات

أول انقلاب حدث في تركيا عام 60 م، قام  38 ضابط بقيادة جمال قرسيل: وأعدم مندريس بتهمة الانقلاب على العلمانية

الثاني 1971م انقلاب المذكرة سليمان دميرال: ومرت عليها فترة ركود اقتصادي

الثالث عام 1980 كنعان ايفرن: قمع وتنكيل وتعديل الدستور

الرابع1997م ما بعد الحدث، اسم الانقلاب على حزب الرفاة نجم الدين أربكان

تنازل نجم الدين أربكان وهذه (ضربة معلم) : عدم مواجهة الجيوش إذا كان الشارع لم يستوعب المعادلات

أربعة انقلابات- وتعود الكفة مرة أخري للمدينين وفي المقدمة الإسلاميين وهذا ما يخشونه ولكن دخول الجيوش في حروب أهلية مع الشعوب. هذا ما يبحثون عنه الآن...لذالك كانوا حريصين على بقاء أردوغان حياً ونجاح الانقلاب، هنا تبدأ الحرب الأهلية

لأن أردوغان لديه ظهير ليس فقط شعبي ولكن أمني وجندي أيضاً: قوات الأمن الخاصة، الاستخبارات، حليف قوي مع أردوغان، آلاف من رجال الأمن أو ما يعرفون بجيش العدالة والتنمية. رئيس قيادة الأركان والجيش الأول... هنا تبدأ الحرب الأهلية وهذا هو المطلوب..

ولكن كانت النتائج خلاف ما خططوا له: خرج الشعب وواجه بصدور عارية الدبابات

لأنه استوعب الدروس من الانقلابات العسكرية التي بها مصالح الجنرالات وليس الشعوب

فالشعب التركي نهض وأربك المرتبكين

لأن سياسة القطيع لم تُجدِ معه

ظهور الرئيس التركي أردوغان  الأول عبر أحد تطبيقات التواصل وهو "فيس تايم" الخاص بشركة أبل أربك المشهد!!

جهل الشعوب وخيانة الإعلام تكون في مقدمة أسباب تمكن المحتل من التلاعب بمصير البلدان

والحروب الأهلية رأس مال كبير جداً لهم..يأخذون منكم ما يريدون دون مقابل، بل يجعلونك تقبل أحذيتهم كي يحضروا إليك لمحاربة الإرهابين الذين هم من أسسوهم

السؤال الآن هو:

لماذا يكرهون أردوغان؟

أولهم أصحاب المصالح: الغرب وإسرائيل؛ لأنهم يكرهون الحاكم الناجح والذي يتجرأ أن يقول لهم لا ومصلحة شعبي مقدمة على مصالحكم ولا يذعن لتهديدهم...

أردوغان عندما تتابع كيف نهض ببلده من كونها دولة مقترضة إلى أن صارت دولة مقرِضة وهذا ما يغضب أعداءه

 (شاهدوا أردوغان وهو يسحق شيمون بيريز في دافوس ويقول له كلاماً لم يجرؤ أي رئيس كان رئيس دولة كبرى أو صغرى أن يقول له: "يا قتلة الأطفال")

 والأخير: الحكام الذين يعلمون أنهم لا يستطيعون مجاراة أردوغان في جرأته وصدقه لنهوض بلده وشعبه؛ لذالك يكرهونه ويحقدون عليه حسداً من عند أنفسهم، فيسلطون المرتزقة من إعلاميين ومتأسلمين لتكفير أردوغان وانتقاصه وما دروا أنهم ينتقصون أنفسهم.

لا شك بأن الأتراك لديهم مشروع، ولكن لمَ الخوف من مشروعهم وعدم الخوف من المشاريع الغربية؟؟!! مشروع تركيا إذا لم ينفعك لا ولن يضرك (يا أهبل أفندي) !

تركيا إذا علمنا أنها الدولة الوحيدة المؤهلة في العالم الإسلامي لقيادته وباستطاعتها مواجهة أشد أعدائه ضراوة وفي مقدمتهم الصهاينة دولة إسرائيل

فيحدث بها تحرك للقوة أو الكيان الموازي كما يسميه الأتراك ويطلق عليه الآخرون انقلاب..تحت مسمى حقوق الإنسان والحفاظ على الديمقراطية وهم أبعد ما يكونون عن ذلك، ولا يوجد دولة حكمها هؤلاء إلا وتجد أبناء هذه الدول في قاع الإنسانية فقر وذل و مهانة.

السؤال لماذا هذا الانقلاب؟

أردوغان وحزبه مسلمون مقيمون للصلاة ومشهود لهم بذلك، وأنتم علمانيون محاربون لدين الله ومشهود لكم بذلك.. فلماذا انقلبتم عليه؟ المعلوم أن الخروج يكون على الحاكم الكافر، ولكن إذا عُلم من أنتم عُلم لماذا خرجتم عليه..

هل انقلابكم عليه اقتصادي؟ أي بسبب تدهور البلد اقتصاديا!

فالجميع يعلم نهوض اقتصاد تركيا في عهده -أي: حزبه- إلى مصاف الدول المقرضة وليست المقترضة..

رفع دخل الفرد، إعمار البلاد، رفع مستوى ثقافة الفرد... وأنا اذكر أن العمالة التركية في الخليج كانت لا قيمة لها سابقاً كما الآن، هذا الرجل جعل لهم قيمة وكيان ولا تجد العامل التركي كما كان في حكم الجنرالات، وهذا يشهد له كثير من التجار.

وما قدموه -أي: حزب العدالة والتنمية- لتركيا ذكرته في كتابي أرسلتم اغلوا، فلا داعي للتكرار.

وأنت تتابع بعض الإعلاميين والقنوات الفضائية الإخبارية فيما يخص الإسلام وخصوصاً في أحداث تركيا الأخيرة أو ما نحن يصددها الآن تتأمل هذه الآيات وتتوقف وأنت تسمع قول الله عز وجل:

(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1))

 (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4))

وعندما ترى رباطة جأش أردوغان تتذكر قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 7 – 9]

عن الكاتب

سعيد المحفوظ الغامدي

مؤلف كتاب من أسقط العالم الإسلامي مؤسس موقع من أسقط العالم الإسلامي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس