ترك برس

تناول تقرير لمركز الجزيرة للدراسات أهم المرتكزات التي ارتكز عليها التحرك التركي من أجل لعب دور الوساطة في الأزمة بين قطر وبعض الدول العربية والمستمرة منذ مطلع حزيران/يونيو الماضي.

وأشار التقرير، من إعداد الباحث المتخصص في الشأن التركي محمود سمير الرنتيسي، إلى أن المرتكز الأول هو "حرص تركيا على بقاء منطقة الخليج منطقة مستقرة"، مبينًا أن الرؤية التركية لحزب العدالة والتنمية ترتكز على استقرار المنطقة وخاصة منطقة الخليج.

وقد صرَّح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبيل اندلاع الأزمة الأخيرة بشهر تقريبًا، أثناء زيارته للكويت، بأن "تركيا والخليج كجزيرتي استقرار وسط منطقة جغرافية تعاني من مشاكل شتى".

ورأى الباحث أن تركيا تخشى من خروج الأزمة عن التحكم مما يضيف المزيد من التهديدات لها خاصة مع دخول الحرب في سوريا والعراق مراحل جديدة، ولهذا فإن من أهم مرتكزات الوساطة التركية التأكيد على ضرورة المحافظة على الاستقرار والتذكير بالخسائر التي قد تتكبدها المنطقة والدول المعنية في حال تطورت الأزمة.

والمرتكز الثاني، بحسب التقرير، هو "الحرص على تطور العلاقات الثنائية في الخليج"، حيث تحتفظ تركيا بعلاقات جيدة مع طرفي الأزمة، وخاصة في المجال الاقتصادي. وتريد تركيا استمرار هذه العلاقات وتطويرها والاستمرار في جذب الاستثمارات من المنطقة وتنفيذ المشاريع فيها.

وأضاف التقرير أن تركيا نجحت في استقطاب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 12.3 مليار دولار، في 2016 فقط، وأغلب هذه الاستثمارات قد جاء من منطقة الخليج؛ حيث تُقدَّر الاستثمارات السعودية في تركيا بـ6 مليارات دولار فيما يصل حجم الاستثمارات القطرية إلى مليار دولار، وسُجِّل صعود في حجم الاستثمارات الخليجية المباشرة في تركيا، بنسبة 397 بالمئة، في الفترة من يناير/كانون الثاني-مايو/أيار 2017، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ولهذا كان من أهداف زيارة الرئيس التركي أن يوضح إيجابية موقف تركيا في هذه الأزمة لمنع تدهور العلاقات الثنائية معها وخاصة على الصعيد الاقتصادي وتحديدًا مع السعودية؛ حيث توجد اتفاقيات في مجال التصنيع العسكري ولا تزال عين تركيا على مشاريع مستقبلية كبرى مع دول الخليج. وفي هذه النقطة، تحرص تركيا على تسوية الأزمة؛ لأن نتائج انتصار أي من أطراف الأزمة وهزيمة الآخر سيكون فيه خسارة لتركيا.

أمّا المرتكز الثالث فهو "منع تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة"، وفق التقرير الذي أشار إلى أن تركيا تدرك بأن الانقسام الخليجي يصب في مصلحة إيران وسياساتها التي لا تُخفي تركيا استياءها منها، وقد استدعت إيران، في فبراير/شباط 2017، السفير التركي لدى طهران بسبب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي والرئيس، رجب طيب أردوغان، اتهما فيها إيران بزعزعة استقرار المنطقة، ولهذا تحتاج تركيا للتعاون والتنسيق مع دول مجلس التعاون لمواجهة السياسة الإيرانية.

كما أن أنقرة تدرك اهتمام دول الخليج بها في هذه النقطة خاصة أن هذه الأزمة تُشكِّل فرصة كبيرة حاولت فيها إيران تقديم مواقف تشجع على تقاربها مع كل من قطر وتركيا على الأقل في هذه الأزمة وأيضًا من خلال استغلال الأقليات الشيعية في الخليج.

وأوضح التقرير أن المرتكز الرابع هو "الخشية من امتداد تداعيات الأزمة إلى تركيا"، حيث لا تريد تركيا أن تضطر للاصطفاف الواضح مع قطر فيجعلها ذلك في مواجهة إجراءات قد تتضرر بسببها ومن هذه الإجراءات وقف الاستثمارات وتلويح الدول المقاطعة لقطر بالورقة الكردية في وجه تركيا ورفض التعامل معها في الملف السوري خاصة أن الإعلام السعودي ركَّز على إجراء مقابلات إعلامية مع سياسيين أكراد معارضين لتركيا كما لوحظ نشاط تيار الغد السوري المدعوم من الإمارات في فتح علاقة مع الأكراد المعارضين لتركيا في شمال سوريا.

كما أن وساطة تركيا التي تتشارك في الكثير من وجهات النظر تجاه قضايا المنطقة مع قطر يمكن أن تُقرأ من منطلق دعم قطر وعدم تركها وحدها في مواجهة اتهامات يمكن أن تُوجَّه إلى تركيا في نفس الوقت أو لاحقًا. ولهذا، فإن استمرار حوار تركيا مع السعودية يسهم في دعم قطر ويخفف من أضرار عملية استعداء تركيا أو التحريض عليها.

والمرتكز الخامس، هو "الاستفادة من التقارب مع الموقف الخليجي في بعض ملفات المنطقة"، إذ تريد تركيا الاستفادة من الموقف الخليجي بشكل عام في كافة قضايا المنطقة؛ حيث لا تتعارض معه في عدد من الملفات، كالملف السوري، وتحديدًا في مستقبل بشار الأسد والمناطق الآمنة ودعم اللاجئين، وكذلك الحال في الشأن اليمني وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كما تدرك تركيا أن القوى الإقليمية مثلها إن لم تقم بالوساطة فإن القوى الدولية سوف تقوم بها وفق شروطها ومصالحها.

والمرتكز السادس يتمثل في "رغبة تركيا في استعادة دورها الذي كان قبل الربيع العربي"، بحسب التقرير، حيث يهيئ دور الوساطة لتركيا فرصة لكي تُكرِّس الصيغة الجديدة من سياستها الخارجية التي بدأت مع قدوم رئيس الوزراء، بن علي يلدرم، والتي تعتمد على زيادة عدد الأصدقاء وتقليل عدد الأعداء، وهي ما كانت عليه قبل الربيع العربي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!