دانييلا بلوت - موقع جيرز أوف بيز - ترجمة وتحرير ترك برس

كشف استطلاع رأي، أجراه مؤخرا "مركز بيو للدراسات" في الولايات المتحدة الأمريكية، أن أكثر من 70 بالمائة من الأتراك يرون في نفوذ وقوة الولايات المتحدة تهديدا كبيرا لبلادهم. وشملت الدراسة 41 ألفًا و953 شخصًا في 38 بلدا مختلفا، على الفترة الممتدة بين 16 شباط/ فبراير والثامن من أيار/ مايو سنة 2017، حيث سُئل المشاركون عما يمكن أن يمثّل في نظرهم تهديدا لبلادهم.  

وفقا لما أفضت إليه النتائج الإجمالية، وعلى الرغم من أن الذين شملهم الاستطلاع قد اختاروا تنظيم الدولة (داعش) والتغير المناخي كأكبر التهديدات، لُوحظ ارتفاع كبير في اعتبار أن تكون "الولايات المتحدة وقوتها ونفوذها" بمثابة تهديد. أما في تركيا، فقد أفاد 72 بالمائة من الأشخاص أن نفوذ وقوة الولايات المتحدة يشكلان تهديدا لبلادهم.

حسب ما توصل إليه البحث، تم رصد ارتفاع بنسبة 28 بالمائة منذ سنة 2013، حين أشار 44 بالمائة فقط إلى أن نفوذ وقوة الولايات المتحدة يمثلان تهديدا رئيسيا. علاوة على ذلك، ذكر البحث، الذي شارك في تأليفه كل من جاكوب بوشتر ودوروثي مانيفيتش، أن "الأتراك قلقون أيضا بشأن قضية اللاجئين (بالنسبة حوالي 64 بالمائة منهم) الذين قدموا بأعداد مهولة خلال السنوات الأخيرة".

وعلى امتداد السنوات الأخيرة، تأثرت الصورة المرتبطة بالولايات المتحدة في تركيا أساسا بمسألتين مهمتين. وتتمثل أولهما، في الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية في سوريا، التي يهيمن عليها في المقام الأول حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه المسلح، وحدات حماية الشعب، وهما التابعان لمنظمة "حزب العمال الكردستاني" الإرهابية.    

وتجدر الإشارة إلى أن حزب العمال الكردستاني، الذي صنّفته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا كمنظمة إرهابية، لا يزال في خضم النزاع المسلح، الذي يقوده ضد تركيا منذ أكثر من 30 سنة، والذي أدى إلى مقتل ما يقارب 40 ألف شخص.

ومن جهتها، تؤمن تركيا بأن الدعم العسكري الذي تتلقاه وحدات حماية الشعب ينتهي به المطاف في أيدي إرهابيي حزب العمال الكردستاني، ليتم توظيفه فيما بعد ضدّ قوات الأمن والمواطنين الأتراك، وهو ما يشكل تهديدا للأمن القومي. من هذا المنطلق، تسبب الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب، الذي انطلق في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، ولا يزال مستمرا في ظل إدارة دونالد ترامب، في إثارة غضب الرأي العام التركي.

وتتمثل المسألة الرئيسية الثانية، في تعمّق التصور السلبي المرتبط بالنفوذ الأمريكي بسبب عدم اتخاذ السلطات الأمريكية أية خطوات ملموسة تجاه زعيم جماعة غولن الإرهابية، فتح الله غولن، المقيم في بنسلفانيا والعقل المدبر للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي جدت في 15 تموز/ يوليو السنة الماضية، وذلك على الرغم من مطالبات أنقرة المتعددة بتسليمه.

وقد شهد الخامس عشر من تموز/ يوليو سنة 2016، قيام المتشددين الغولنيين، المندسّين في صفوف الجيش التركي، بمحاولة انقلابية ضد الحكومة والدولة التركية. وكنتيجة للمحاولة الفاشلة، فقد 250 شخصا أرواحهم، وأصيب أكثر من 2500.

وفي شأن ذي صلة، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤخرا هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن نسبة الأتراك الذين يكنّون مشاعر معادية للولايات المتحدة قد ارتفعت بما يقارب 28 بالمائة خلال ثلاث سنوات فقط. ووفقا لما جاء في الاستطلاع، الذي شمل أكثر من 18 ألف شخص من 19 بلدا خلال أوائل شهر تموز/ يوليو الماضي، من قبل "غلوبلسكان" وبرنامج المشاورات العامة لصالح الهيئة البريطانية، بلغت نسبة الأتراك الذين يملكون نظرة سلبية تجاه الولايات المتحدة 64 بالمائة مقارنة بحوالي 36 بالمائة سنة 2014.

وفي تصريح أدلى به مؤخرا لصحيفة "ديلي صباح" التركية، قال رئيس شركة "جينار" لاستطلاعات الرأي، إحسان أكتاش، إن السياسات الخاطئة للرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، والسياسات الحالية لإدارة دونالد ترامب المتعلقة بالتعاون مع الأطراف التابعة لحزب العمال الكردستاني، تمثل الأسباب الكامنة وراء المشاعر المعادية للولايات المتحدة في تركيا.

من جانبه، أوضح صاحب شركة "إي جي"، عادل غور، أن "معاداة أمريكا لا تمثل في الواقع أمرا حديث العهد، نظرا لظهورها قبل منظمة فتح الله غولن، حيث بلغت نسبة الأشخاص الذين يؤمنون بأن الولايات المتحدة ليست حليفة تركيا وصديقتها حوالي 60 بالمائة. وفي أعقاب المحاولة الانقلابية في 15 تموز/ يوليو سنة 2016، ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 90 بالمائة".

بالإضافة إلى ذلك، أظهر بحث "مركز بيو للدراسات" ارتفاعا في الرأي القائل إن الولايات المتحدة تشكل تهديدا رئيسيا في جميع أنحاء أوروبا وكندا. وتبعا لما أفاد به تقرير مركز بيو، "يُنظر إلى نفوذ وقوة الولايات المتحدة على أنهما تهديد رئيسي بمتوسط نسبة قدرها 31 بالمائة في جميع أنحاء القارة الأوروبية، فيما أظهر الإسبان قلقا بشأن الولايات المتحدة بنسبة 59 بالمائة. أما في الدول الأوروبية الست، التي شملها الاستطلاع، فضلا عن كندا، فقد شهدت المخاوف المتعلقة بقوة ونفوذ الولايات المتحدة ارتفاعا منذ سنة 2016".   

وفي كندا، بلغت نسبة الكنديين، الذين يعتبرون الجارة الجنوبية مصدر تهديد لأمنهم القومي، 38 بالمائة، وذلك مقارنة بنسبة 23 بالمائة خلال سنة 2013. وفي إشارة إلى تنظيم الدولة، أكّد جاكوب بوشتر ودوروثي مانيفيتش أن "الناس في جميع أنحاء العالم يعتبرون تنظيم الدولة والتغير المناخي بمثابة تهديدين رئيسين للأمن القومي".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس