هاكان جليك – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس

تعيش ألمانيا في الوقت الحالي تشنجًا فكريًّا كاملًا بخصوص تركيا. فقد بلغ خطاب زعماء الأحزاب السياسية الألمانية المناهض لتركيا مستوى العداء، قبل مدة قصيرة على الانتخابات.

قبل أيام شاركت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع زعيم الحزب الاجتماعي الديمقراطي مارتن شولتز في مناظرة تلفزيونية أذاعها عدد من الأقنية.

تابعت المناظرة عبر قناة "دويتشه فيله"، وفي الحقيقة كنت مندهشًا جدًّا خلالها. يمكنني القول إنها بدأت مع تركيا وانتهت معها.

أعلنت ميركل وشولتز أنهما سيسعيان من أجل إنهاء المفاوضات الجارية بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

يمكنني أن أتفهم تعامل ألمانيا بحساسية تجاه وضع الديمقراطية في تركيا، أو مسألة مواطنيها الموقوفين فيها (في إطار تحقيقات تنظيم غولن)، لكن القضية لا تقتصر على ذلك فحسب.

هناك عداء واضح في ألمانيا تجاه تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان. والساسة والإعلام الألمانيان يصبان الزيت على النار، ويستخدمون خطابًا في هذه القضايا يتماشى مع مصالح المتطرفين اليمينيين.

خلال الأعوام الأخيرة، تركيا وأردوغان حاضران باستمرار إما على الغلاف أو في الصفحة الأولى لمجلة دير شبيغل وصحيفة بيلد وبقية المؤسسات الإعلامية.

لا تقدم الدولة الألمانية أي مساعدة مهما كانت صغيرة لتركيا على صعيد مكافحة الإرهاب. بل إن مؤسساتها تعرب بصراحة عن تعاطفها مع حزب العمال الكردستاني.

كما أنها تحاول إضفاء المشروعية على دعم الأسلحة الذي تقدمه لوحدات حماية الشعب، من خلال إظهار تركيا وكأنها مقربة من تنظيم داعش.

وتتبع ألمانيا الموقف ذاته مع تنظيم فتح الله غولن، حيث قبلت طلبات لجوء معظم الفارين من التحقيقات الجارية في تركيا حول المحاولة الانقلابية الفاشلة. كما أنها رفضت طلبات أنقرة بمصادرة أملاك التنظيم على أراضيها.

ولم تكتفِ ألمانيا بكل ما سبق ذكره، بل إنها تقدم على خطوات من شأنها إلحاق أضرار كبيرة بعلاقاتها مع تركيا. فإذا حاولت ميركل وشولتز فعلًا قطع علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا، كما أعلنا في المناظرة، فسيكون لذلك عواقب وخيمة.

ومن جهة أخرى، تهدد ألمانيا بوقف قروض البنك الدولي، الذي يوفر الموارد المالية للمشاريع المزمع إنجازها في تركيا.

لكن هناك أمر يغيب عن بال الساسة الألمان في غمرة سعيهم لكسب السباق الانتخابي، هل ستصبح أوروبا أكثر أمنًا واستقرارًا عندما يلحقون الضرر السياسي والاقتصادي بتركيا، ويغلقون أمامها طريق الاتحاد الأوروبي؟

بالطبع لا. إذا دُفعت تركيا إلى العزلة، ونجم عن ذلك زعزعة الاستقرار فيها، فإن أوربا ستدفع ثمنًا باهظًا لذلك. هذه هي الحقيقة مع الأسف.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس