محمد المختار دي - خاص ترك برس

أقر برلمان كردستان العراق الاستفتاء المقرر لانفصال الإقليم عن العراق ودعا الحكومة الكردية للالتزام بالموعد المقرر للاستفتاء في الخامس والعشرين من سبتمبر الجاري... في تحد واضح من الأكراد لتركيا أولا وللعراق كدولة موحدة يراد تقسيمها وتجزيئها منذ سقوط بغداد في آذار/ مارس 2003.

رئيس الوزراء التركي علي يلدرم وقبله الرئيس التركي رجب أردوغان حذرا من خطر الاستفتاء القادم على تركيا والمنطقة بأسرها، واعتبرت تركيا قضية استفتاء الانفصال الكردي  قضية أمن قومي، والحق أن تركيا قد صدقت في تقديرها للموقف... فالخطر الحقيقي سيكون على تركيا لو نجح مسعود البارزاني وحلفاؤه في ما يسعون إليه من انفصال الإقليم أولا  وبداية مشروع الدولة الكردية... دولة إقليم كردستان وأكراد سوريا وما الضير لو التحق بهم حزب العمال الكردستاني العدو الأول لتركيا والمدعوم عسكريا وسياسيا من إقليم كردستان العراق.

والتاريخ شاهد على كل ما قدمه الإقليم الكردي العراقي لأعداء أنقرة من دعم منذ سقوط بغداد، ومعها نظام البعث الذي كان يؤرق كاهل أكراد العراق... يومها ظهر البارزاني كحليف للمحتل الأمريكي وكلاعب سياسي مدعوم من واشنطن، وقد حظي الرجل وإقليمه بالرعاية والدعم اللوجستي والعسكري حتى أصبح الإقليم دولة داخل العراق الكبير الذي حول إلى أقاليم وصراع طائفي وإقليمي.

تحول العراق في سنينه الخالية من لاعب سياسي فاعل في المنطقة إلى ملعب سياسي يستخدمه الجميع وكل يغني على ليلاه ويدعم طائفة من أهل العراق بعد ما حولته حربهم إلى طوائف... وكان للولايات المتحدة نصيب الأسد فدعمت حكومة بغداد وفي نفس الوقت كانت تصنع وتدعم إقليما وحلما كرديا يتزعمه مسعود البارزاني الرجل الكردي الأبرز في المنطقة.

عملت واشنطن على تدريب قوات البشمركة وقدمت لهم كامل الدعم، ولم تكن لوحدها فقد كان الرضى الإسرائيلي عن الإقليم باديا، وقد ظهر جليا حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعمه للاستفتاء وقيام الدولة الكردية، وذالك أمر له ماله وعليه ما عليه ويوضح أن لإسرائيل يد طويلة في إقليم العراق الكردي.

الغرب نفسه وعلى رأسه دول أوروبية كبيرة ليست منزعجا تماما من قيام الدولة الكردية نكاية بنظام تركيا فهم لم يكونوا يوما راضون عن السلطة التركية، ولا طريقة الحكم هناك والصراع التركي الأوروبي حاضر منذ سنوات عديدة.

أما دمشق فيرقص نظامها من شدة الفرح فهو يعتبر إسطنبول أكبر عدو له وأن تركيا ستنشغل بمشكلة الدولة الكردية وخطرها على إسطنبول عن مشاكل سوريا وتصفية نظامها لشعبه.

وكذلك الحال بالنسبة للقاهرة فنظامها لن يجد بدا من دعم مسعود البارزاني نكاية بأنقرة ونظامها الديمقراطي.

ما سيحدث في الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر ليس مجرد استفتاء بل هو مشروع دولة جديدة كردية بدايتها العراق ونهايتها لن تكون سوريا قطعا... والخطر يهدد تركيا أولا فما فشل فيه أعداء تركيا في محاولتهم الانقلابية الفاشلة يسعون لتنفيذه من خلال مشروع استفتاء الإقليم الدولة، والدولة هنا ستكون طائفية، الأكراد والمظلومية التاريخية كما ينادي بعض من دعاة الحقوقية.

الخطر الثاني سيكون على منطقة الشرق الأوسط المشتعلة أصلا بسب حرب سوريا الأهلية والعراق قبل ذلك ولحزب العمال وداعش في المنطقة يد طويلة جدا لم تقطع حتى الآن.

يريدون إنهاء منطقة بأسرها وبداية منطقة جديدة أساسها طائفي وأرضها صالحة لصناعة الإرهاب والحروب الطائفية وتجارة السلاح ونفطها يصل لأوروبا أولا ولواشنطن ثانيا قبل أن تستفيد منه المنطقة نفسها.

فمن يسدي لأكراد العراق نصيحة قبل فوات الأوان... العراق بلدكم وليس لكم غيره مهما طال الزمن فعودوا إلى حضن الوطن... قبل أن تحرقوه فتحرق المنطقة بأسرها.

عن الكاتب

محمد المختار دي

يدرس الإعلام والاتصال بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار. حاصل على بكالوريوس آداب أصلية من نواكشوط


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس