ترك برس

يُعدّ الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، أول من أدار عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى ميانمار، بالحصول على أُذونات خاصة بذلك، في الوقت الذي منعت فيه الحكومة في يانغون مساعدات الأمم المتحدة من الوصول إلى المسلمين الروهنغيا على خلفية أعمال العنف.

ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار والميليشيات البوذية المتطرفة، إبادة جماعية بحق المسلمين الروهنغيا في إقليم أراكان (راخين)، أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، بحسب ناشطين أراكانيين.

الباحث السياسي "سايمون واتموث"، بموقع " ذا كونفرزيشن" البريطاني، يقول إن الرئيس أردوغان، يظهر وكأنه قطع وعدًا على نفسه بأن يكون الصوت الدولي لمسلمي الروهنغيا في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي حصدت إدانات دولية واسعة، تُرجم قليل منها إلى أفعال ملموسة.

وبجانب أردوغان، اهتم سياسيون أتراك بقضية الروهنغيا، بينهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونائب رئيس الوزراء، محمد شيمشك.

وفي الوقت الذي حاولت فيه الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل ماليزيا، وإندونيسيا، وبنغلاديش، وباكستان توجيه أكبر قدر من الضغط الدولي على الحكومة الميانمارية، كانت الاستجابة الأقوى والأكثر وتيرة قادمة من تركيا، وفق تقرير لـ"واتموث" نشرته وكالة الأناضول الرسمية بتركيا.

ويرى الباحث أن السياسة الخارجية لتركيا تحوّلت باتجاه الجنوب العالمي تحت قيادة الرئيس أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية الحالية، وجاء هذا التوجه بالتزامن مع بروز فراغ سياسي جراء تراجع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القيادة العالمية.

وفي 7 سبتمبر / أيلول الجاري، أصبحت وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) التابعة لرئاسة الوزراء، أول مؤسسة إغاثة أجنبية تدخل إلى منظقة النزاع بميانمار، لإيصال نحو ألف طن من المساعدات الغذائية والأدوية إلى أقلية الروهنغيا في أقليم أراكان (راخين).

كما كانت زيارة زوجة رئيس الجمهورية، أمينة أردوغان، لمخيمات لاجئي الروهنغيا على الحدود البنغالية ـ الميانمارية، إعلانًا عن الخطة التركية لتوزيع المساعدات الإنسانية للروهنغيا في بنغلاديش أيضًا، بحسب الباحث.

وتشير تقارير حديثة إلى أن تركيا ثاني أكثر دولة إنفاقًا على المساعدات الإنسانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، إذ خصصت عام 2016 نحو 6 مليارات دولار أمريكي لدعم العمل الإغاثي. وبدورها أنفقت واشنطن عام 2016، 6.3 مليار دولار على المجال ذاته.

واستثمر أردوغان منصبه الحالي كرئيس دوري لمؤتمر منظمة التعاون الإسلامي، وأدان بشكل رسمي، خلال اجتماع للمنظمة بالعاصمة الكازاخية أستانة، الموقف الميانماري تجاه الروهنغيا. وقال نيابًة عن الأعضاء إن "أعمال العنف التي تمارس ضد الروهنغيا ما هي إلا مجزرة".

في النهاية، يقول "واتموث" إن دعوات أردوغان لحماية المسلمين في أنحاء العالم تظل لحظة حاسمة في مسار القيادة الدبلوماسية التركية، وحال لحقت بها الدول الإسلامية أو ابتعدت عنها، فحدود تركيا هي "السياسة الإنسانية".

من جهتهما، يرى الأكاديميان في جامعة " بيلكنت" ( أول جامعة خاصة في تركيا ومقرها أنقرة)، بينار بيلغن، وعلي بيلجيتش، أن عقيدة السياسة الخارجية التركية أصبحت قائمة على ما يسمى بالـ" جغرافيا السياسة الحضارية"، و"فهم الثقافة والحضارة كمحددات للسلوك الدولي".

ويعتبر الأكاديميان أن المذهب السياسي الجديد في تركيا يهدف إلى جعلها في صميم القضايا الجيوسياسية بين الغرب وبقية آسيا، بربط هذه المشاركة العالمية بتراثها السياسي، القائم أساسًا على تاريخ آسيا الوسطى والموروث العثماني.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!