هاكان جليك – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس

على من يقولون إن "تركيا ليست أوروبية" أن يأتوا ويروا دول البلقان. في كل مرة آتي فيها هذه المنطقة أشهد على وجود أثر وتأثير مدهش لتركيا فيها.

توجهنا إلى العاصمة الصربية بلغراد عقب مباحثات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي استمرت يومًا واحدًا في أوكرانيا.

جزء واسع من الأراضي الصربية الحالية كان خاضعًا لحكم الدول العثمانية على مدى 500 عام.

شهدت مرحلة تفكك يوغوسلافيا السابقة آلامًا كبيرة، سقط خلالها مئات الآلاف من البشر. وبينما عانى المسلمون من أكبر الخسائر، سدد المسيحيون أيضًا أثمانًا باهظة.

كان الصرب من بين أكثر من صدمهم تفكك يوغوسلافيا السابقة، ولهذا فهم يولون أهمية كبرى للسلام والتوازن الدولي والاستقرار العالمي.

يتابع الصرب تركيا عن كثب، ويثمنون ويدعمون قوتها ونجاحها. هناك عدد ضئيل جدًّا من الذين تستولي عليهم الهواجس التاريخية ويحملون مشاعر قومية، أو ينظرون إلى تركيا بناء على أحكام مسبقة.

ولهذا يهمهم أن تكون تركيا دولة قوية ومؤثرة في مواجهة  الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا.

فالصرب يعقدون الأمل على تركيا لأن الولايات المتحدة هاجمتهم بشكل مباشر، في حين أدارت أوروبا لهم ظهرها، عملت روسيا دائمًا على إخضاع يوغوسلافيا لنفوذها.

فإذا برزت تركيا كقوة بديلة سيشعر الصرببأنهم في أمان. أحسست بهذا الشعور بوضوح خلال الأحاديث التي تبادلتها مع الصرب في شوارع بلغراد.

استُقبل أردوغان بحفاوة كبيرة منذ اللحظة التي وطأت فيها قدماه الأراضي الصربية. حتى أن الرئيس الصربي والوزراء انتظروا قدومه في المطار حتى ساعة متأخرة من الليل. وهذه حالة من النادر جدًّا حدوثها على صعيد العلاقات الدولية.

يتابع الصرب أردوغان عن كثب. وهم يرصدون تحركاته المكثفة على الساحة الدولية، ويراقبون باهتمام تزايد تأثير تركيا في منطقة أوراسيا.

كل صربي يحلم بزيارة اسطنبول، وتشهد الرحلات الجوية للخطوط التركية بين بلغراد واسطنبول إقبالًا بنسب مرتفعة جدًّا. كما أن الخطوط الجوية الصربية تجري رحلات إلى تركيا.

بعد انتهاء الاجتماعات في بلغراد، توجهنا إلى منطقة سنجق. وهناك كان استقبال الرئيس أردوغان والوفد التركي بسيل من العواطف.

سنجق هي المنطقة الأخيرة التي انسحبت منها الدولة العثمانية في أراضي البلقان. وهذه المنطقة، التي انتزعت من يد الدولة العثمانية، تشكل في يومنا هذا جسر سلام بين البلقان والأناضول.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس