ترك برس

يقول المؤرخ التركي أكرم بوغرا أكينجي، إن هناك العديد من الشخصيات ادّعت انتسابها إلى الأسرة العثمانية بعدما رأوا دور العثمانيين ومكانتهم في التاريخ الإسلامي، وقد وُفقوا في خداع الكثير من السذج بادعاءاتهم الزائفة.

ويُشير أكينجي إلى أن الأسرة العثمانية كانت هي الأسرة الوحيدة التي يمكن تحقيق منفعة دنيوية من الانتساب إليها، في البلاد التي حكمتها الدولة العثمانية، لذلك نصادف العديد من المخادعين الذين ادعوا أنهم من نسل آل عثمان.

وبحسب تقرير لأكينجي في صحيفة "ديلي صباح" التركية، فإنه في عام 1419 ظهر شخص ادعى أنه "شهزاده مصطفى" بن السلطان يلدريم بايزيد (بايزيد الأول)، وكان الأمير مصطفى قد أسر وأُحضر إلى سمرقند بعد هزيمة الجيش العثماني على يد الأمير تيمور في معركة أنقرة.

وقاد "مصطفى المزيف" تمرداً ضد الدولة، وبعد حروب استمرت مدة طويلة تمت هزيمته وأعدم من قبل الحكومة العثمانية، إلا أن بعض رجال الدولة قد صدقوه.

كان إظهار ورثة مزيفين للعرش من إحدى الوسائل المتبعة للقضاء على الخوف من الأتراك. ونصادف الكثير منهم في القرن السابع عشر على وجه الخصوص.

فقد ادعى شخص يدعى بايزيد أنه ابن السلطان مراد الثاني. وتم تعميده من قبل البابا باسم "كاليكستو أوتومانوس". وأصبح من حاشية الإمبراطور الألماني فريدريك الثالث. وخصص له الإمبراطور قصراً كبيراً يعيش فيه حتى توفي عام 1496 وألفت حوله العديد من الروايات.

عام 1615 ادعى أحد الروم واسمه يحيى أنه الابن الأكبر للسلطان محمد الثالث وتجول في قصور أوروبا. أيضاً ادعى أحدهم (1620-1706) أنه الأمير أحمد ابن السلطان عثمان الثاني. وقام البابا كليمنتوس التاسع بتعميده.

واستمر نسله حتى اليوم في مالطه باسم "العثماني". والحقيقة أن السلطان عثمان الثاني لم ينجب سوى ولدين عمر ومصطفى وتوفيا وهما لا يزالان في المهد.

وادعى شاب آخر أنه ابن السلطان العثماني وتجول في أوروبا باسم "بادر أوتومانو"، وكان في الحقيقة طفل جارية لأحد آغاوات الحرملك، أسر بحارة مدينة البندقية سفينته أثناء سفره للحج.

وتم إرساله إلى العديد من الدول في أوروبا وأعلنته فرنسا عام 1660 وريثاً لعرش الدولة العثمانية. واستُخدم هذا الشاب كورقة ضد الدولة العثمانية في حربها مع البندقية وفي النهاية تم حبسه في أحد الأديرة في مالطا ومات بمرض السل.

ادعى بولندي يعمل جاسوساً لصالح روسيا ويدعى أحمد نادر أنه ابن السلطان محمد الرابع. وتجول في كل أوروبا مرددا هذه الادعاءات وكان يتقن 12 لغة. واستقر في مصر وترقى في الوظائف حتى أصبح الياور. وبعد مدة اختفى فجأة (يبدو أن مهمته كجاسوس انتهت).

ويقال إن يوسف شاه مؤسس الدولة "العادل شاهية" في الهند هو ابن السلطان العثماني مراد الثاني وشقيق السلطان محمد الفاتح، وعندما تولى الفاتح الحكم قام محبوه بتهريبه إلى تبريز خشية القتل، ومن هناك تم تهريبه إلى الهند. ومن الواضح أن ادعاءه أنه من الأسرة العثمانية قد أكسبه شعبية كبيرة هناك.

إلى يومنا هذا هناك من يدعون أنهم من نسل الأمير جم ابن السلطان محمد الفاتح الذي تمرد على أخيه بايزيد الثاني وهُزم فاضطر إلى الهروب إلى أوروبا وهناك قام البابا اليساندرو بورجيا بتسميمه. وأرسل جسده بعد ذلك إلى السلطان بايزيد.

والآن يدعي عالم الآثار المالطي "جورج ألكسندرسعيد زاميت" أنه حفيد الأمير جم من الجيل السابع عشر. ويدعي أن الأمير مراد ابن جم سلطان قد تم تعميده من قبل فرسان جزيرة رودس حيث كان يقيم وأطلق عليه اسم "بيير" أي بطرس وتزوج بإيطالية تُدعى كونسيتا دوريا وأعلنه البابا أميراً.

لكن الحقيقة أن السلطان سليمان القانوني حين قام بفتح جزيرة رودس (عام 1522) أمر بإعدام شخصين ادعيا أنهما ابن جم سلطان وحفيده.

قام سعيد زاميت بإرسال خطاب إلى رئيس العائلة العثمانية آنذاك عثمان أرطغرل افندي وأرسل له الوثائق التي عثر عليها. إلا أن عثمان أرطغرل افندي أخبره أنه لا يمكن قبوله كأمير من العائلة العثمانية وأنه يعد من أمراء البابوية.

استمرت هذه الادعاءات حتى بعد إلغاء السلطنة في تركيا ونفي أفراد الأسرة العثمانية خارج البلاد. ففي عام 1937 ظهر أحد الأشخاص واسمه صلاح الدين في الإسكندرية وادعى أنه ابن السلطان عبد الحميد الثاني وحاول الاحتيال على بعض الناس. وألقت الحكومة القبض عليه وحبسته.

ومن بين المحتالين الذين يدعون انتسابهم إلى الأسرة العثمانية امرأة أرمينية كانت تعيش في الولايات المتحدة منذ 50 عاماً (1943) وتُدعى نادين داوسون ارابيان. وتدعي أنه والدها هو ابن السلطان عبد الحميد الثاني من أميرة إيرانية. وكان ابوها يضع على رأسه طربوشاً وأعلن نفسه السلطان سليم الرابع.

وكان في الأصل ابن زوجة طبيب فرنسي كان يعالج أفراد العائلة العثمانية في الإسكندرية. وقد توفي عام 1991 وترك مكانه حفيده نوبار. وثائق وأدلة هذه التراجيديا المضحكة التي تشبه سيناريوهات "ليبريتو" عروض الأوبرا، هي فقط تصريحات أبطالها. وكل ما يقال عبارة عن تلفيق. مع ذلك، بعض الصحافيين والسياسيين في تركيا صدقوا تلك الادعاءات وقاموا بزيارة نادين ارابيان في الولايات المتحدة الأمريكية.

الصحفي التركي عصمت بوزداغ ادعى أن زوجته "خانزاده أولوصوي" هي حفيدة السلطان عبد الحميد الثاني. وقد بدأ ادعاءاته هذه بعد سنتين من وفاة زوجته. وكان بوزداغ قد نشر قبل ذلك كتابين ملفقين بعنوان "مذكرات السلطان عبد الحميد" ولم يكن أي منهما حقيقياً.

هناك أيضاً سيدة تعمل عارضة أزياء في كندا تسمي نفسها برنس قسطنطين، وتدعي أنها من نسل السلطان مصطفى الرابع. لكن الحقيقة أن السلطان مصطفى الرابع لم ينجب سوى بنت واحدة توفيت وهي طفلة بسبب الطاعون.

كذلك ادعى شخص يعيش في باريس أنه من أفراد الأسرة العثمانية ويطلق على نفسه اسم الأمير صالح. وأرسل خطابات إلى البابا والرئيس الفرنسي جاك شيراك وملكي المغرب والأردن والعديد من رجال الدولة في بلدان مختلفة وحاول الاحتيال عليهم وأخذ 25 ألف فرنك من كل واحد فيهم.

حتى انه كتب أيضاً إلى نجم الدين أربكان في تركيا وتلقى رداً إيجابياً منه. ومن المثير للدهشة هنا عدم توافر أي معلومات بخصوص التاريخ العثماني لدى أشخاص يتبنون الفكر الإسلامي. وقد تم تحييد هذا الرجل من قبل أفراد العائلة العثمانية الموجودين في فرنسا.

ثم ادعت امرأة مجذوبة في جزيرة بويوك أدا (إحدى جزر الأميرات) بإسطنبول أنها هي الأميرة نسليشاه. وكانت تتردد على الكثير من الجمعيات والمنظمات بصفتها إحدى أفراد العائلة العثمانية.

ولكي يقضي أفراد العائلة على هذه المشكلة أسسوا وقفاً باسم "وقف العائلة العثمانية" (Maison d'Ottoman) ومركزه باريس. وقاموا بنشر شجرة للعائلة توضح كل أفرادها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!