بولنت أرانديتش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

من هم أصدقاء الانقلابيّين؟

لكي نجيب على هذا السّؤال، يكفينا أن ننظر إلى جانب من يقف أصحاب التّجارب السّابقة في هذا الخصوص.

بدأت السّلطات التركيّة فجر الأمس بحملةٍ ضدّ عناصر تنظيم الكيان الموازي الذي يتزعّمه فتح الله غولن والذين تغلغلوا إلى داخل جسم المؤسسات التركية، وما إن بدأت الحملة ضدّ هؤلاء، حتّى سارع أعضاء حزب الشّعب الجمهوري بالدّفاع عن هذا الكيان بكل قوةٍ وعزيمة.

ومع استمرار حملة الاعتقالات ضد عناصر هذا التنظيم، نجد أنّ الفاجعة تزداد لدى حزب الشّعب الجمهوري. ولأنّ حزب الشّعب الجمهوري لديه من الخبرات الكافية في مجال الانقلابات، فإنّهم يدركون جيّداً إلى أين تسير الأمور.

علامات الارتباك تبدوا واضحةً داخل بنية حزب الشّعب الجمهوري، حيث أنّ رئيس الحزب كمال كلتشدار أوغلو يدلي بتصريحاتٍ من دون توقّف وكذلك ناطقه الرسمي "خلوق كوتش" لا يتوانى عن عقد المؤتمرات الصّحفيّة بين الحين والأخرى. أمّا بالنسبة لنوّاب الحزب فقد جعلوا مقرّ صحيفة زمان مسكناً لهم.

بالمقابل شاهدنا كيف أنّ رئيس تحرير هذه الصّحيفة قام بإطلاق التّصريحات من داخل مقرّ الصّحيفة عبر قناة "سامانيولو" الموالية لتنظيم الكيان الموازي وقد جمع وراءه عدداً من النّوّاب أمثال "أوكتاي أكشي" من حزب الشّعب الجمهوري والمنشقّين عن حزب العدالة والتنمية أمثال إدريس نعيم شاهين وهاكان شوكور وإدريس بال.

أمّا بالنّسبة للأوساط الإعلاميّة، فقد رأينا كيف أنّ الوسائل الاعلاميّة التي كانت بالأمس تعادي بعضها البعض، تقف الآن جنباً إلى جنب أمثال مجموعة دوغان الإعلامية ومجموعة الكيان الموازي الإعلاميّة. فأعداء الأمس أصبحوا أصدقاء بعد هذه الحملة.

لا أحد يعتلي مكانةً ما عن طريق الصّدفة. ولا أحد يتمّ اعتقاله عن طريق الصدفة أيضاً. فالعقل الخفي المدبّر للانقلابات التي حصلت في تركيا، كان يستخدم الإعلام المرتبط بالخارج وقيادات الجيش المتعاونين مع أجهزةٍ خارجيّة. وبعد فشل محاولة الانقلاب العسكري في 27 نيسان/ أبريل عام 2007، لجأ هؤلاء إلى اعتماد طرق جديدة للنّيل من الحكومة التركية الشّرعيّة. فبدؤوا باستخدام ورقة فتح الله غولن الذي استطاع إقحام أزلامه داخل جسم الدّولة عبر سنين طويلة. ولذلك قامت أجهزة الاستخبارات الامريكية وأجهزة أخرى باختيار فتح الله غولن لهذه المهمّة.

هل من الصّدفة أن تقع محاولة الانقلاب على الحكومة التركية الشّرعية في 17 و25 تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، بعد أسبوعين من زيارة كمال كلتشدار أوغلو إلى الولايات المتّحدة الأمريكية وقيامه بعدّة لقاءات منها علنيّة وأخرى سرّية؟

فقد قام كلتشدار أوغلو بهذه الزّيارة بعد توسّط السفير الأمريكي الأسبق لدى أنقرة "ريتشارد دوني"، وكانت هذه الزّيارة بمثابة الإعلان عن بدء التّعاون بين حزب الشعب الجمهوري وفتح الله غولن واللوبي اليهودي.

العقل المدبّر كما قلنا سابقاً، اختار أزلام الكيان الموازي لتنفيذ الانقلاب في 17 و25 أكتوبر من العام الماضي. وقد أعطوا التكتيكات اللازمة لرئيس حزب الشعب الجمهوري خلال زيارته إلى الولايات المتّحدة الأمريكية، كما عملوا على تنسيق الأمور بين الكيان الموازي وأعضاء حزب الشعب الجمهوري خلال هذه الزّيارة.

والمحصّلة:

يقول تاريخ "الانقلابات التي حصلت في تركيا" إنّ حزب الشّعب الجمهوري يعتلي حكم البلاد عن طريق الانقلابات العسكريّة. لكنّ انتخابات عام 2002 التي أتت بحزب العدالة والتنمية إلى السّلطة، كسرت هذه القاعدة. وبات المتآمرون يعتمدون معادلةً جديدة وهي: فتح الله غولن + حزب الشّعب الجمهوري = انقلاب على الحكومة الشّرعية.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس