منصور أكغون – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

إن الفضائح السياسية التي وقعت خلال تدريبات حلف الشمال الأطلسي "الناتو" في ولاية "ستافانجر" لا يمكن القبول بها على الإطلاق. كما قال "كمال كليجدار أوغلو" زعيم حزب الشعب الجمهوري: "يجب على الدول التي تحمل مسؤلية اتفاقات الناتو أن تجري تحقيقات عميقة في هذا الصدد، لافتا إلى أنّه من من غير الممكن تجاوز هذا التصرف بمجرد اعتذار بسيط. إذ لا يمكن لتركيا القبول بوضع صورة مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك" واسم الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" على لوحة الهدف التي تمثل الأعداء".

نأمل أن لا تتكرر مثل هذه الحوادث مرة أخرى، وأن تتذكر دول حلف الناتو وغيرها أن تركيا منذ انضمامها للحلف في سنة 1952 إلى الآن تساهم في تحقيق أهداف الحلف أكثر من جميع الدول الأخرى. وعلى الرغم من عدم إدراك المعظم لذلك، إلا أن تركيا ما زالت تساهم في تحقيق هذه الأهداف إلى يومنا هذا. لكن في الوقت نفسه يمكننا القول إن الدول الأخرى لا تشعر بالمسؤولية ذاتها تجاه تركيا.

جميعنا على دراية بوجود المشاكل في العلاقات الثنائية بين تركيا والحلف. إذ لا تقتصر هذه المشاكل على العلاقات الأمريكية التركية فحسب، إذ هناك أزمة غير واضحة ومشاكل كبيرة متعلقة بالثقة المتبادلة بين الدولتين. ولا سيّما أننا نواجه صعوبة في استيعاب والتوضيح عن دعم دولة حليفة لتركيا لتنظيم اعترفت بنفسها بأنه إرهابي. مما أدى إلى زيادة الشكوك في خصوص حماية أمريكا لمرتكبي محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو في تركيا.

ليس هناك أي تطور ملحوظ فيما يخص إعادة متورطي محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو إلى تركيا. ويبدو أن أمريكا تفضل إلهاء تركيا بدلاً من إيجاد حل للمسألة. إضافةً إلى أن قضية نيويورك تظهر استهداف أمريكا لتركيا أكثر من استهدافها لإيران. بالتأكد ارتكبت تركيا بعض الأخطاء فيما يخص تسيير العلاقات الثنائية. لكن الآن يجب تخطي هذه المشاكل واستجابة دول الحلف لمطالب تركيا على المستوى الأمثل.

إن ابتعاد تركيا عن أمريكا وحلف الناتو لن يكون جيداً بالنسبة إلى تركيا، لكن الأمر سيكون أكثر سوءاً بالنسبة إلى الحلف نفسه.

إن انقطاع تركيا عن الحلف لا يشبه انفصال تركيا عن الجناح العسكري لفرنسا أو اليونان خلال الحروب الباردة. قد يؤدي ذلك بحلف الناتو إلى الوقوع في أزمة أكبر حجماً من أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد يدفع انفصال تركيا عن الناتو وتحالفها مع روسيا وربما الصين إلى إعادة التفكير وتحديد استراتيجية جديدة لاتفاق حلف الشمال المبني على أساس مفهوم التوسّع المستمر.

من الصعب على تركيا أن تنفصل عن هذا الاتفاق الذي تُعدّ جزءاً رئيسياً فيه  أكثر من كونها مجرد عضو. إذ يؤدي مثل هذا الانقطاع إلى مراجعة تركيا لجميع الشؤون الأمنية والجرد العسكري. سيؤثر سلباً على مجال الاقتصاد أيضاً. كما أن المشاكل التي تعيشها تركيا في بعض الأحيان لكنها تتمكن من إدارتها ستصبح بمثابة تهديد وجودي يهدد بقاء تركيا، فضلاً عن أن حلف الناتو سيعتبر تركيا عدواً له.

لكن يتم تأسيس واحترام الاتفاقات من أجل حماية المصالح المشتركة. وعندما لا تتوافق المصالح تتم مراجعة بنود الاتفاق كما رأينا ذلك عبر التاريخ. بدأت مرحلة المراجعة بالنسبة إلى تركيا. إذ يجب على تركيا أن تظهر لحلفائها أن الأحداث التي وقعت خلال تدريبات حلف الناتو في مدينة "ستافانجر" ليست مسألة بسيطة، وأنه يجب على الدول الحليفة لتركيا اتخاذ الاحتياطات اللازمة لإعادة ضم تركيا إلى صفوفهم من جديد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس