عبو الحسو - خاص ترك برس

شبح الاغلاق يراود كثيراً من المنظمات المحلية  والدولية المرخصة  في تركيا وذلك بسبب عدم قبول أوتجديد تصاريح العمل للعاملين الأجانب فيها من قبل وزارة العمل التركية، حيث فرضت الأخيرة وثائق و شروطاً جديدة للموافقة على هذه التصاريح ...

تقوم السلطات التركية بإعادة تنظيم عمل المنظمات الإنسانية على أرضها  وفق آليات صارمة نوعاً ما ،كما تعمل على تفويض المديريات الفرعية في الولايات باعتماد آليات تعاون حقيقية مع المنظمات وذلك من أجل التخلص من آثار المرحلة السابقة وخاصة في ظل الوضع الأمني الراهن بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في /15/ تموز/يوليو عام2016  و(إعلان حالة الطوارئ).

ضمن هذا السياق فإن وزارة العمل ومنذ عدة أشهر قامت بالطلب من المنظمات تقديم وثائق إضافية  من أجل الموافقة على تصاريح العمل أوتجديدها استناداً الى القانون رقم 6735 الخاص بعمل الأجانب في تركيا، وتضمنت هذه الطلبات ما يلي:

وثيقة تعاون أو مذكرة تفاهم أو أذن ممنوح من إحدى الجهات الرسمية مثل اﻻفاد ، وزارة العائلة ، وزارة التربية ، وزارة الصحة ، الهلال اﻻحمر.... الخ .

2- معلومات إضافية ووثائق تثبت نشاطات وفعاليات المنظمة المنفذة منذ بداية عام 2017.

 3- وثيقة تثبت عدم وجود ديون وضرائب ومستحقات يتوجب دفعها من قبل المنظمة للجهات الرسمية المعنية.

4- النظام الداخلي للمنظمة.

5- وثيقة تفويض للمفوض/المفوضين  Imza Sirküleri

6- وثيقة الفعاليات حديثة تثبت استمرار نشاطات المنظمة  Faaliyet Belgesi

7- تقرير النشاط والفعاليات المقدمة من المنظمة للجهات المعنية عن عام 2016

8- أسماء الموظفين اﻷجانب في المنظمة وجنسياتهم والولاية التي يعملون بها وموقعهم الوظيفي وصورة وثيقة إذن العمل/اﻻقامة الخاصة بهم.

وبناء على ذلك قامت كثير من المنظمات بالتبرع بمساعدات عينية للهلال الأحمر أو الأفاد وتحميل وثيقة التبرع على الموقع الكتروني المخصص لطلب أذونات عمل الأجانب ،ولكن تبين فيما بعد بأن عملية التبرع لمرة واحدة أو أكثر لاتعني بالضرورة وجود تعاون أو مذكرة تفاهم بين المنظمة  والمؤسسات الرسمية التركية حسب رأي وزارة العمل حتى وإن كانت قيمة التبرعات في بعض الأحيان تصل لمئات الألوف.

وكذلك فإن السلطات المحلية في معظم الولايات لا توقع مذكرات تفاهم مع المنظمات، وإنما تحيل من يراجعها إلى إدارة الهلال الأحمر التركي وإدارة الهلال تعيد إحالة من يراجعها إلى الولاية أو إلى الآفاد ....وهكذا تدور المنظمات في حلقة مفرغة دون الوصول إلى نتيجة في نفس الولاية.

تلجأ أيضاً بعض المنظمات للتواصل مع الوزارات المعنية أو المديريات المركزية لتوقيع بروتوكول أو مذكرة تفاهم أو عقد اتفاقية تعاون في تنفيذ مشاريع مشتركة معها، لكن الوزارات والمديريات أيضاً لا تأخذ خطوة إيجابية مباشرة  وإنما تطلب ملفاً كاملاً عن أعمال المنظمة منذ تاريخ تأسيسها ، مع ملف كامل عن كافة العاملين لديها وسيرهم الذاتية ، وذلك بغاية إجراء مسح أمني قبل اتخاذ أي خطوة تعاون مع المنظمة، وهذا يأخذ وقتاً طويلاً للرد وخاصة ضمن الظرف الأمني الحالي في تركيا (حالة الطوارئ) حيث يبدو واضحاً أيضاً أن كثيراً من الموظفين والمسؤولين الأتراك على كافة المستويات غير قادرين على اتخاذ القرارات أو التوقيع على أي وثيقة خوفاً من التورط مع جهة مشبوهة مما يؤثر لاحقاً على مناصبهم ووضعهم الأمني.

إضافة إلى كل ما ورد  فإن وزارة العمل تعمل على تطبيق شرط  نسبة العمالة الأجنبية في المنظمات حيث يجب ألاّ تتجاوز نسبتهم الـ 20% فقط كحد أعلى أي مقابل كل 5 موظفين أتراك يجب أن يكون هناك موظفاً أجنبياً واحداً فقط على الأكثر.

كما أن بعض المنظمات طُلب منها وثائق تثبت كيفية تحويل الأموال إلى الداخل السوري حيث أنه بموجب القوانين والتعليمات الناظمة لتحويل الأموال فإنه في حال تجاوز قيمة المبالغ المنقولة عبر الحدود 25 ألف ليرة تركية أو 10 آلاف يورو فإنه يتوجب تنظيم محضر في الجمارك في المعبر بقيمة المبالغ والجهة المُرسِلة والمُرسَل إليها.

حيث أنه من المعروف بأن كثير من المنظمات تقوم بالتحويل إما عبر مكاتب التحويل والصرافة غير المرخصة أو تسليم المبالغ لأشخاص في تركيا بشكل مباشر أوبموجب شيك من البنك ومن بعدها إما يتم التحويل عبر مكاتب الصرافة أو النقل باليد عبر المعابر دون تسجيلها في الجمارك.

ومن أجل تجاوز هذه المشكلة مستقبلاً يمكن تحويل الأموال الى الداخل السوري عبر مراكز البريد الـPtt  التركية التي تم افتتاح فرع لها مؤخراً في جرابلس ويتم التحضير لفتح مراكز أخرى في اعزاز والباب والراعي، وبعد التحويل الرسمي إلى الداخل يمكن تحويل المبالغ إلى أي نقطة أخرى عبر الوسائل المتاحة داخل سوريا.

من الواضح بأن المرحلة القادمة ستكون صعبة وحرجة لكل المنظمات العاملة في تركيا وقد يتم تخفيض عدد المنظمات إلى الربع تقريباً، وذلك نقلاً عن حديث لأحد المسؤولين الأتراك في اجتماع مع بعض المنظمات حيث صرح بأن "هناك ما يقارب 3000 منظمة أجنبية عاملة في تركيا إن بقي منهم 500 سيكون ذلك كافيا ً"،

كما أنه من المتوقع بعد رفض أذونات العمل لكثير من العاملين في المنظمات بأن الخطوة اللاحقة ستكون القيام بجولات تفتيشية على هذه المنظمات والتدقيق في عملها وهوية عامليها وفي تصاريح عملهم، والتدقيق بشكل رئيسي في حساباتها المالية، ومطابقتها مع الواقع ، وبالتالي فإن الكثير من المنظمات لن تستطيع الافلات من هذا التفتيش والتدقيق ، وسيكون ذلك سبباً لإغلاق الكثير منها أو تقييد نشاطها مرحلياً على الأقل.

عن الكاتب

عبو الحسو

صحفي مهتم بالشأن التركي وشؤون اللاجئين ومهندس سابق في مؤسسة الاتصالات في سوريا لمدة 18 عام ومدير قطاع الاتصالات في حكومة أحمد طعمة.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس