ترك برس

يشير المحلل السياسي الباكستاني سلمان رافي شيخ إلى أن تركيا رغم أنها ما تزال عضوا في حلف الناتو، فقد انحرفت بعيدا عن التحالف إلى حد كبير، ولا سيما في تقاربها مع روسيا في سوريا، وإقدامها على شراء صواريخ روسية، ما يعني أنها قد تكون أول دولة تنسحب من الحلف، وتعيد تموضع نفسها على الساحة الإقليمية والعالمية.

وكتب رافي شيخ في موقع "نيو إيسترن أوت لوك"، إن تركيا لا تقف بالتأكيد ضمن المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة في الصراع السوري، ما يعني أن تركيا صارت حليفا لروسيا وسوف تتصدى بشكل مباشر أو غير مباشر لأي مناورة يقوم بها الناتو ضد روسيا.

وأضاف أن علاقات تركيا القوية مع روسيا تعني أن بلدا صاحب عضوية كاملة في حلف شمال الأطلسي يتعاون تعاونا وثيقا مع بلد كان السبب في نشأة حلف الناتو ذاته في حقبة الحرب الباردة. وهذا التعاون التركي الروسي كان بسبب إخفاق الناتو في الحرب على الإرهاب، واتهامه بالتورط في محاولة الانقلاب الساقط في تركيا.

وقد أدركت الولايات المتحدة والناتو أن موقفهما الحالي لا يمكن مقارنته بسيناريو ما قبل الصراع السوري، ما يعني أنهما بحاجة إلى إعادة تحديد علاقاتهما مع عدد من البلدان، ومن المفارقات أن تركيا كانت الأولى في قائمة هذه الدول.

ووفقا لرافي شيخ، فإن الخطوة الأولى في الحملة على تركيا بدأت يوم الاثنين الماضي، حين اتهم  مستشار الأمن القومي الأمريكي، هربرت ماكماستر، تركيا وقطر بالمسؤولية عن انتشار الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة، مضيفا أن السبب الأساسي لمشاكل تركيا المتزايدة مع الغرب يرجع إلى حد كبير لصعود العدالة وحزب التنمية، الذي ينتمي إليه الرئيس أردوغان، إلى السلطة في تركيا، وبات نموذجا تستلهمه حركات الإسلام السياسي.

وفي حين لم يشر ماكماستر إلى علاقات تركيا المتنامية مع روسيا، فإنه لم يتردد في وصف روسيا والصين قبل أيام قليلة من إعلانه يوم الاثنين بالقوى الرجعية التي تقفز على حلفاء الولايات المتحدة، في إشارة إلى تركيا، ومن ثم فهما عازمتان على تقويض النظام الدولي الذي يهيمن عليه الأمريكيون.

ويقول المحلل الباكستاني إنه ليس من قبيل الصدفة أن هجوم ماكماستر اللفظي على تركيا جاء بعد بضع ساعات من اجتماع الرئيسين التركي والروسي الذي أكد على التحالف السريع المتنامي بين الدولتين.

وقد مثّل هذا الاجتماع مرحلة جديدة فى تنسيق الجانبين لتقويض المطامع الأمريكية فى المنطقة. وقد أعلن بوتين أنهما وافقا على اتفاقية قرض ستوقع قريبا جدا لمتابعة الاحتمالات المهمة لتوسيع التعاون العسكري والفني، بينما تسبب صفقة شراء تركيا لنظام صواريخ اس 400 الروسي، إزعاجا كبيرا لواشنطن وبعض حلفائها في الناتو.

ويلفت رافي شيخ إلى أنه إلى جانب التعاون التركي الروسي في المجالين العسكري والفني، هناك التعاون بينهما في إنهاء الصراع السوري الذي عزز التقارب بينهما ودق إسفينا في العلاقات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي، الذي نقل عن أحد مسؤوليه إنه لا يوجد في الوقت الراهن حليف للناتو يدير منظومة إس 400. ما يعني أن تركيا ربما لم تعد حليفا.

وتابع أنه بفضل قدرة روسيا على استخدام نفوذها على الأكراد، لم تعد تركيا تعترض على المشاركة الكردية في مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي سيعقد في سوتشي. وهذا لن يؤدي فقط إلى عزل الولايات المتحدة في المنطقة من جديد، ولكنه لن يجعل لها حلفاء فاعلين على الأرض للتأثير في التسوية النهائية للأزمة السورية، وحتى إنهاء وجودها العسكري في سوريا.

وأوضح أن روسيا وتركيا أصبحا بالفعل في منتصف المفاوضات حول سبل ووسائل تطهير عفرين من ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، وإذا حدث ذلك، فإنه سيكون نقلة نوعية رئيسية لا في مسار العلاقات الثنائية الروسية-التركية فقط، ولكن أيضا من حيث ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة. وبينما قد تنشأ نقطة انبثاق جديدة من عملية روسية تركية محتملة في عفرين، فإن ما هو واضح في الأفق هو أن هذه النقطة يمكن أن تتحول إلى الضربة الأخيرة في بقاء تركيا عضوا كاملا في حلف الناتو.

وخلص رافي شيخ إلى أنه إذا حدث وانسحبت تركيا من حلف الناتو، وهو ما يتطلب صدور قرار بالإجماع من الأعضاء، فمن الواضح أن هذا الانسحاب سيكون ضروريا لتركيا لكي تستكمل تقاربها مع روسيا، وإعادة تموضعها إقليميا وعالميا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!