مليح ألتنوك – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي متوترة للغاية.

ما أدى بنا إلى هذا الطريق المسدود موقف الاتحاد الأوروبي عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016، الذي لا يتماشى مع المعايير الديمقراطية العالمية..

لم يدن الاتحاد المحاولة بصراحة.. بل لم يتقبل حتى حق الدولة التركية المشروع في الدفاع عن نفسها، كما ينص عليه القانون المدني للاتحاد، عقب هذا الهجوم.

فتح أذرعته واحتضن الانقلابيين والإرهابيين.

باختصار حاد عن الصواب وكشف عن نواياه الحقيقية في ذلك اليوم الوحيد الذي كان من الواجب أن يقف فيه إلى جانب دولة مرشحة لعضويته.

كما هو الحال بالنسبة لكل دولة تتمتع بالكرامة والسيادة لم تتقبل تركيا هذه المعايير المزدوجة، وردت بالطريقة المناسبة في إطار التعامل بالمثل.

تفاقم الوضع بشكل أكبر مع اتخاذ الحكومات الطرف في الأزمة من القضية مطية لسياساتها الداخلية والانتخابات.

تذكروا كيف أوقفت الشرطة برفقة كلابها في وسط أوروبا وفد وزيرة تركية.. هل هناك داعٍ للمزيد من الأمثلة؟

أثارت زيارة أدروغان إلى فرنسا قضية العضوية، التي غابت عن المناقشات منذ فترة طويلة.

اللقاء الحار بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الألماني سيغمار غابرييل خلف سؤالًا عما إذا كانت المياه ستعود إلى مجاريها..

لكن التصريحات التي صدرت خلال الأزمة يبدو أنها لن تُنسى بسهولة. تتصافح الأيدي وتبتسم الوجوه وتُبرم الاتفاقات، لكن الطرفين يحافظان على حذرهما.

كل من الطرفين، تركيا والاتحاد الأوروبي، يدعي أنه الطرف الأقوى في العلاقة، وأن الطرف الآخر هو الأكثر رغبة في "الزواج".

على سبيل المثال، يقول أردوغان: "طبعًا هذا يتعبنا بشكل جدي، ويتعب شعبنا. وربما سيدفعنا إلى اتخاذ قرار. لن نقول باستمرار ’من فضلكم امنحونا العضوية’. أقول ذلك من فرنسا". وعقب هذا التصريح تتجرأ صحيفة لوفيغارو على الخروج بعنوان "أردوغان يمد غصن الزيتون إلى الاتحاد الأوروبي في باريس"!

إذًا، ماذا سيكون مصير هذه العلاقة الممتدة على مدى نصف قرن؟ أو كيف يجب أن تكون؟

أعتقد أنه يتوجب نسيان الأمس والمفاوضات التي تحولت إلى مجرد استقبالات وعادات. على الطرفين أن يتقبلا دخولهما مرحلة جديدة من العلاقات، والتخلي عن العلاقة العاطفية، التي أكل عليها الدهر وشرب.

صحيح أن علاقاتنا متجذرة، وكلانا بحاجة إلى اللقاءات المتبادلة، لكن ذلك لا يقتضي "الزواج".

هناك في أوروبا مع يديرون هذه العلاقات بشكل ممتاز دون أن يكونوا أعضاءً في الاتحاد الأوروبي. بل إن هناك من يلتقون مع الاتحاد رغم وقوع الطلاق بينهما، كالمملكة المتحدة..

ربما تقل تطلعات الطرفين تجاه بعضهما حين تزول ضغوط "الزواج" عن كاهلهما، ويتجاوزا الوضع المتأزم.. ربما ستظهر النقاط الشائكة بشكل أقل، وفي نهاية المطاف ستسير الأمور على ما يرام.

عن الكاتب

مليح ألتنوك

كاتب صحفي في صحيفة ديلي صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس