محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

متى فقدت الولايات المتحدة صوابها بدأت تتصرف وكأنها البلد الوحيد في العالم؟ أو متى أصبحت لا تكترث لأمن شريكتها الاستراتيجية وحليفتها تركيا؟

عند البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة، علينا ألا ننسى أن الأسلحة التي يستخدمها الإرهابيون ضدنا في عملية عفرين مصدرها الولايات المتحدة..

ولنضع في الحسبان دائمًا أن رفض البرلمان التركي مذكرة الأول من مارس (رفض البرلمان مشروع قرار يسمح بنشر قوات أمريكية في تركيا وإرسال قوات تركية إلى العراق) أدى إلى قطع العلاقات بين البنتاغون وهيئة أركان الجيش التركي.

أحادية القرار

قبل غزو العراق كانت الولايات المتحدة تتشاور مع حلفائها، وتحيل القضايا إلى الأمم المتحدة ثم تتخذ القرار. وبعد الغزو أصبحت بلدًا عدائيًّا مشاكسًا.

بعد احتلال العراق أضحت الإدارة الأمريكية تتخذ القرار، وبعد ذلك تستشير حلفاءها، دون أن تضع الأمم المتحدة في حسبانها.

وزد على ذلك لجوءها إلى الابتزاز عبر التهديد بقطع مساعداتها عن الدول التي ترفض التصويت لصالحها في الأمم المتحدة على خلفية قرار اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.

هذا ما يسمى بـ "أحادية القرار".

أخبرنا واشنطن بكل شيء

قبل عشر سنوات، في نوفمبر 2007، أجرى رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان زيارة إلى واشنطن، التقى خلالها الرئيس جورج بوش الابن، وأخبره بكل وضوح عن مدى التأثير السلبي للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى حزب العمال الكردستاني، على تركيا..

أردوغان وصف اللقاء حينها بأنه "بناء وإيجابي"، ونقل مطالب تركيا إلى بوش في خمس قضايا.

لم يتغير شيء

المطالب الخمسة كانت على النحو التالي:

* الشخصيات المستهدفة من الكادر القيادي لحزب العمال.

* فض معسكرات الحزب الانفصالي

* وقف الدعم اللوجستي الأمريكي للحزب

* عدم السماح له باتباع سياسات خفية في شمال العراق

* تشكيل شبكة اتصال من أجل تبادل المعلومات

دعم "الكردستاني" وحماية "غولن"

مضت الأعوام وتناوب على حكم الولايات المتحدة بعد بوش رئيسان. لكن اتضح تمامًا أن الرؤساء في إدارات هذا البلد عابرون وأن الحكم الحقيقي بيد كبار موظفي الدولة العميقة ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالية والبنتاغون.

أوباما وترامب تحدثا إلى أردوغان كما فعل بوش من قبلهما، وأقرا بأن حزب العمال الكردستاني تنظيم إرهابي بالنسبة للولايات المتحدة. لكن الحزب يحاربنا الآن في عفرين بأسلحة أمريكية. كما أن تنظيم غولن ما يزال يخطط لعمليات في تركيا تحت حماية الولايات المتحدة.

أليست مقولة "أنا أتكفل بحماية نفسي من أعدائي، لكن التهديد الحقيقي يأتي من حلفائي" هي أفضل ما يصور وضع تركيا في الوقت الحالي؟

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس