ترك برس

شرعت كل من روسيا ومصر في اتخاذ خطوة من أجل حل الأزمة السورية ، وكانت الاجتماعات المتتالية التي جرت في كلا البلدين الأسبوع الماضي دليلا ملموسا على ذلك.

وتزامن هذا مع تغير الموقف القطري، فبعد أن كان داعما أساسيا للمعارضة السورية المعتدلة، أصبح يتقرب من مصر ودول الخليج بعد أن كان معاديا. ماذا يعني كل هذا؟ وما هو تأثيره على تركيا؟

أولا قامت روسيا بدعوة 28 ممثلا للمعارضة السورية إلى موسكو في 26 من كانون الأول/ ديسمبر للاجتماع. وكان هدفها من ذلك إيجاد صيغة للحوار بين النظام والمعارضة. وكانت نية روسيا هي إبقاء بشار الأسد في الحكم بدون شك.

وثانيا أجرت المعارضة المعتدلة في نفس الأسبوع اجتماعا في القاهرة. ودار الاجتماع حول الخطة التي اقترحها عبد الفتاح السيسي في إقامة حكومة تكنوقراط أو حكومة كفاءات‬‎ في سوريا. وأعربت المعارضة السورية عن تمنيها بأن يكون لمصر دور أكثر فعالية في الحل. وكما نعلم فقد جاء السيسي إلى الحكم بانقلاب واتصل فيه حينها بشار الأسد مهنّئًا.

وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر ذهبت هيئة من خمسة أشخاص من بينهم ابن خال الأسد إلى القاهرة.

ولا تبدو المبادرتان الروسية والمصرية منفصلتان عن بعضهما البعض. فقد ذكر وزير الخارجية المصري أنه سيحضر اجتماع المعارضة السورية الذي سيجري في موسكو لاحقا. وعكست الصحافة التحضيرات التي تجري في مصر من أجل الاجتماع.

تكلمت مع عبيدة الشهبندر الناطق باسم الائتلاف الوطني السوري الذي يمثل المعارضة المعتدلة. وأكد لي أهمية الدور الذي تلعبه مصر في المنطقة وأشار إلى التقارب الذي حصل في الفترة الأخيرة بين مصر والدول العربية والتعاون من أجل حل القضية السورية.

هل هذا يضعف التأثير التركي على المعارضة السورية؟ عندما وجّهت هذا السؤال إلى عبيدة الشهبندر أجابني: "إنّ الدور الذي تلعبه مصر لا يُقصي ولا يستبعد دور أي دولة. وتتجلى أهمية الدور التركي بإيواء اللاجئين السوريين وبرنامج تدريب المعارضة المعتدلة". في حين وصف المبادرة الروسية بأنها مجرد إبراز عضلات لا أكثر ولا أقل قائلا: "إنها مسرحية دبلوماسية، فلتكفّ روسيا عن بيع الأسلحة للأسد ولتقبل معاهدة جنيف التي تبعد الأسد".

فلنستمع إلى صوت ثالث من الخارج، اتصلت بأحد الخبراء السياسيين في الشأن السوري "جوشوا لانديس" وهو مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما وفي نفس الوقت مؤسس "سوريا كومنت".

وأكد لي أنّ انخفاض التأثير القطري على المعارضة السورية تقابله زيادة في تأثير المملكة العربية السعودية. وذكر أن قطر قد سحبت دعمها تماما من الائتلاف الوطني السوري والذي تشكل تحت قيادتها.

كما شدّد على أنّ الأموال الأميركية لن تصرف على أية مليشية خارج برنامج تعليم وتجهيز المعارضة المعتدلة الذي سيتم تحت قيادة تركيا والسعودية.

هل سيزيد التأثير المصري؟ قال لانديس في هذا الصدد :"ربما تحاول المعارضة كسب دعم السعودية بعد أن فقدت الدعم القطري. واجتماعها في مصر هو محاولة توجيه رسالة "إننا كيان منفصل عن السعودية" إلى السعودية". كما أشار لانديس إلى "اختلاف وجهات النظر لتركيا والسعودية ومصر وأمريكا وروسيا، حول الإخوان المسلمين. ومن المعروف أن أنقرة تريد أن يكون للإخوان المسلمين دور رئيسي في المعارضة السورية، بينما الدول الأخرى تعارض ذلك". ويرى لانديس أن سحب دعم قطر للإخوان هو إضعاف لدورها في المعارضة السورية.

ورأى لانديس أنّ "الضربة القاسية التي أصابت إيران وروسيا بعد انخفاض أسعار النفط، سيكون لها أثر كبير في إضعاف دعمهما لسوريا"، مضيفاً أنّ "هذا سيجبر الأسد على التنازل مما قد يجعله يحظى بالقبول لدى أمريكا".

وأخيرا سألته: "هل تقبل أمريكا بحل تكون فيه روسيا طرفا؟"، فأجابني جوابا واضحا قائلا: "إن أمريكا تقبل الآن أي حل لأنها عاجزة".

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس