حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك رجل دبلوماسي مثّل الحكومة التركية لسنوات طويلة في الخارج، وتحدث باسم الدولة التركية في عدة مباحثات، وتم توظيفه للدفاع عن مصالح تركيا القومية، لكنه عُزل عن منصبه لاحقاً.

لم أهتم بهويته أو سبب عزله عن العمل، لكن لفتت انتباهي إحدى العبارات التي صرّح بها أثناء استمراره في تأدية عمليه، وكانت العبارة على الشكل التالي: "إن حزب الاتحاد الديمقراطي اتخذ قراراً استراتيجياً وفضّل تسليم بلدة عفرين للدولة التركية بدلاً من تسليمها للنظام السوري"، إذاً ما الذي يقصده هذا الرجل في هذه العبارة؟ لماذا يشعر بالكراهية تجاه الدولة التركية؟ كيف وصل إلى منصب تمثيل الحكومة التركية في الخارج؟ ما الأعمال التي قام بها أثناء عمله؟ والسؤال الأهم، هل هو الوحيد من نوعه أم هناك نماذج أخرى مشابهة له؟

الإجابة: بالتأكيد ليس الوحيد من نوعه، إنما رأينا مسبقاً تبوّأ عناصر منظمات إرهابية إلى مناصب عليا في الحكومة التركية، وحاولت هذه المنظمات احتلال الدولة التركية، كما رأينا وجود العديد من مؤيدي حلف الشمال الأطلسي وإيران وأوروبا وبرزاني وبشار الأسد وبي كي كي في كوادر الحكومة التركية، وساهم العديد من هؤلاء في حملات دعائية سوداء تستهدف الدولة التركية، وطالب أحدهم بتقارب الحكومة التركية من بشار الأسد عبر قنوات التلفاز، كما تسرّب العديد منهم إلى كوادر القوات المسلحة التركية، إضافةً إلى القضاء والدبلوماسية أيضاً.

وفي هذه الأثناء يظهر زعيم حزب المعارضة السياسية عبر قنوات التلفاز لينتقد الحكومة التركية ورئيسها أردوغان، والخلاصة من كلامه: "إن تركيا لم تنتصر في عفرين، إنما قامت أمريكا بإقناع حزب الاتحاد الديمقراطي بالانسحاب"، والمقصود من هذه العبارة هو الإشارة إلى أن معركة عفرين لم تكن انتصاراً حققه الرئيس أردوغان.

يعتقد زعيم حزب المعارضة أنه يمارس حقوقه في المعارضة السياسية من خلال هذه المبادرات، ونظراً إلى وجود أمثال هذه الرجل ضمن كوادر الحكومة التركية فمن الجيد أن تركيا تمكنت من التقدم إلى هذه المراحل مع وجود هؤلاء الأشخاص، لكن هل يمكن اعتبار وجود أعداء المصالح القومية في مناصب عليا من الدولة أمراً طبيعياً؟ بالتأكيد لا، لكن رأينا ذلك بكل وضوح خلال مباردة انقلاب 15 تموز/يوليو، وتم إنقاذ الدولة التركية من قبل الشعب التركي.

لكن على الرغم من ذلك تسعى المؤسسات الحكومية للحفاظ على سمعتها، وعند توجيه أي انتقاد صغير لمؤسسة ما فإن النقاط الحساسة لتلك المؤسسة تبدأ بالتدخل، وتزعم أن كوادر المؤسسة لا علاقة لها بالأحداث الجارية، وتطالب بعدم الإساءة إلى سمعة المؤسسة، في الواقع ذلك أمر جيد، لكن يجب على من يطالب بعدم الإساءة إلى سمعته أن ينفذ أعماله على أكمل وجه، إضافةً إلى تطهير كوادره من العناصر المتسرّبة وبالتالي زيادة جودة المؤسسة، لكن مع الأسف ما زالت تحاول بعض المؤسسات إنقاذ اليوم وإبقاء نفسها خارج دائرة الاتهام.

وهنا يجب لفت الانتباه إلى نقطة هامة، وهي أن تركيا تتغيّر وتدخل في مرحلة جديدة، وكما يقول السياسي الأمريكي تشارلس تيللي: "إن الدول تصنع الحروب، والحروب تصنع الدول".

إن عبارة "والحروب تصنع الدول" تحتوي في مضمونها على احتمال تحوّل تركيا إلى قوة دولية مستقلة خلال الأيام التاريخية التي مرت بها في الماضي القريب، وإن الإدارة الجيدة لهذه الفترة قد توصل تركيا إلى مرحلة التحوّل لقوة عظمى، وإن القوة العظمى في إطار العلاقات الدولية تعني الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.

وهذا هو هدف تركيا الحالي، في مرحلة تحوّل كهذه تصبح المؤسسات مجبرةً على التحوّل على الرغم من جميع المقاومات التي تبادر بها، ولذلك يجب على هذه المؤسسات مسايرة هذا التحوّل بدلاً من إضاعة الوقت بالاهتمام بأمور سخيفة مثل "السمعة الشخصية للمؤسسة"، وإلا فإن المؤسسة ستصبح خارج إطار التأثير، لذلك يتوجّب على الحكومة التركية إعادة النظر في جميع المؤسسات الدولية.

تمكن الجيش التركي الذي ظهر قبل 20 شهراً في محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو من تنفيذ عمليتين عسكريتين هامتين في الأراضي السورية، الأولى هي عملية درع الفرات في منطقة الباب والثانية عملية غصن الزيتون في بلدة عفرين، في الواقع تمكنت القوات المسلحة التركية من تنفيذ ذلك من خلال تأسيس علاقات قوية بين المدنيين والجيش. ونتمنى أن تستمر هذه العلاقات في التحسّن والتقدّم، لأن الجيش الذي يستطيع تنفيذ عمليات عسكرية في الخارج بدلاً من المبادرة في التأثير على إدراك المجتمع في الداخل سيكون مصدر فخر وقوة بالنسبة إلى الدولة والشعب.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس