ترك برس

تباينت آراء المحللين والباحثين المهتمين بالشأن التركي، حول تسليم ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، إدارة مدينة "تل رفعت" بريف محافظة حلب، إلى قوات النظام السوري، وخيارات أنقرة للتعامل مع هذا التطور.

وخلال مؤتمر لفرع حزب "العدالة والتنمية"، الشهر المنصرم، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده ستحقق أهداف عملية "غصن الزيتون" من خلال السيطرة على "تل رفعت" خلال وقت قصير أيضا.

ونظّم أهالي "تل رفعت" مظاهرات عديدة تطالب قوات "غصن الزيتون" بتحرير مدينتهم من أيدي ميليشيات (YPG)، الذراع السوري لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK)، والمدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.

يشار إلى أن فصائل الجيش السوري الحر المشاركة بعملية "غصن الزيتون" تضم العديد من أبناء" تل رفعت".

تقارير إعلامية، أكّدت أن الميليشيات لم تنسحب بالكامل من "تل رفعت"، إنما سلمت إدارتها للنظام، في حين قرأ عديدون هذه الخطوة بأنها ستكون محرجة للأتراك الذين يريدون السيطرة على المدينة وطرد "YPG" منها.

ويرى الباحث في الشأن التركي، الدكتور علي باكير، أن "الرغبة التركية بضم تل رفعت إلى المناطق المحررة، تتسبب بخلافات مع روسيا وإيران"، مضيفا أن "الطرفين يحاولان الضغط منذ مدة على الحكومة التركية للاعتراف بنظام الأسد والتواصل معه بشكل مباشر".

وعن تسليم تل رفعت للنظام السوري، لم يستبعد باكير أن "تحاول روسيا وإيران مجددا الضغط على تركيا للجلوس مع النظام على طاولة المفاوضات والتواصل معه"، وفق ما أوردت صحيفة "عربي21".

وأكد الباحث أن الجانب التركي يرفض ذلك حتى الآن، وفي مرحلة من المراحل تهرب من الموضوع من خلال تجيير الأمر إلى جهاز الاستخبارات في إطار محدود.

ولكنه أشار إلى أن تركيا وإيران ربما تدفعان من جديد تركيا لهذا الأمر، من بوابة تل رفعت، مشددا على أن الطرفين "لا ينظران بإيجابية إلى توسيع تركيا نطاق سيطرة المعارضة، وزيادة نفوذها أيضا داخل سوريا".

من جهته، وافق المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية، أحمد أبو علي، ما ذهب إليه باكير، من أن الوحدات الكردية قد تكون بالفعل تريد جر تركيا إلى الجلوس مع النظام السوري على طاولة المفاوضات.

وأوضح أن تركيا ستكون حريصة جدا أن لا تصطدم مع النظام السوري مباشرة، ما سيدفعها إلى الابتعاد عن الحل العسكري في تل رفعت.

وبيّن أبو علي أن استراتيجية تسليم الوحدات الكردية لمنطقة تحت نفوذها للنظام السوري ليس بالأمر الجديد.

وقال: "كانت هناك محاولات لعمل إدارة مشتركة بين الوحدات الكردية والنظام السوري في عفرين، لكن تركيا أفشلت الأمر بسيطرتها على كامل المدينة قبل تحقيق ذلك".

وأضاف أنه في الوقت الحالي، هناك إدارة مشتركة للوحدات الكردية والنظام السوري، في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، وباتت تل رفعت أيضا تتمتع بالإدارة ذاتها.

ورأى بذلك محاولة من الوحدات الكردية للتعامل مع السياسة التركية الجديدة على الأرض، وربما يكون الغرض منها جلب الأتراك إلى طاولة الحوار، وربما محاولة لإيقاف العمليات التركية في الشمال السوري.

وفي إجابته عن سؤال لصحيفة "عربي21"، "في حال انسحاب الوحدات الكردية بالكامل من المدينة وتسليمها للنظام، هل تبقى تركيا مصممة على دخول المدينة؟"، قال أبو علي: "أعتقد أن المعادلة تكون أصعب عندما تكون تركيا ضد النظام السوري".

وقال: "لا أعتقد أن يكون هناك صدام مباشر بين تركيا والنظام السوري".

الأمر ذاته ذهب إليه باكير، قائلا: "لا أعتقد أن تركيا ستصر على دخول تل رفعت في حالة انسحاب الوحدات الكردية بشكل كامل، ولكن لن تكون أنقرة مرتاحة إذا ما سيطر نظام الأسد على المدينة، وقد يؤدي ذلك إلى بروز خلافات مع روسيا وإيران حول الموضوع"، وفق تقديره.

وقرأ أبو علي أيضا في دخول النظام السوري إلى تل رفعت أنه "ربما إشارة لبدء تقسيم مناطق نفوذ الشمال السوري بين النظام والأطراف الأخرى التي ترفض الخضوع للنظام".

وأوضح أبو علي الأهمية الاستراتيجية لتل رفعت بالنسبة للمعارضة السورية وتركيا، بالقول: "إن المدينة كانت تعد إحدى أهم معاقل المعارضة السورية في ريف حلب، ولها موقع استراتيجي قريب من الحدود التركية، وقريب على مناطق سيطرة مهمة للوحدات الكردية، وقريب على إدلب".

وأكد أن تل رفعت لها أهمية معنوية كبيرة، فهي تعد معقلا قديما للمعارضة، وكانت رمزا لها وللثورة السورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!