عبد الرحمن الجاموس - خاص ترك برس

تواجه اقتصادات الدول الناشئة - ومنها الاقتصاد التركي - تحديات صعبة ومعقدة؛ ومن الممكن ان تؤدي إلى عرقلة عملية التنمية، بسبب الظروف الداخلية والإقليمية من جهة؛ ومشاكل تخصّ الإقتصاد العالمي من جهة أخرى، كما تحتاج هذه الاقتصادات باعتبارها غير نفطية الى ادارة فاتورة الطاقة ومواجهة الآثار المترتبة على انتعاش أسعار النفط. ولمعرفة اثر ذلك سنستعرض مقارنة بين كل من روسيا وإيران والسعودية من جهة باعتبارهم دول منتجة ومصدرة لعوامل الطاقة - النفط والغاز الطبيعي- وتركيا كدولة مستهلكة ومستوردة من جهة أخرى، بعد احتساب فواتير الطاقة؛ آخذين بعين الاعتبار عدد السكان والناتج المحلي وبعض العوامل الأخرى، ومن ثم سنجري تحليلاً مقارناً لنستوضح البعد الخفي في الاقتصاد التركي، حيث تنجح بعض البلدان في (إدارة) الطاقة؛ وتفشل دول أخرى في ذلك، مثلاً السعودية حسب إحصاءات بريتيش بتروليوم تلتهم - من النفط - بحدود سُدس إنتاج اوبك؛ ولم ينعكس ذلك على اقتصادها بشكل كبير لاسباب كثيرة منها بيئتها الصحراوية واعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية.

قبل البدء لا بد من ذكر المحددات التالية:

- اعتمدنا متوسط الأسعار الجارية: حيث بلغ سعر الوحدة الحرارية للغاز الطبيعي 4.5 دولار بعد التحويل من المتر مكعب. بينما بلغ سعر برميل النفط 65 دولار وسطياً.

- اعتمدنا إحصاءات عام 2017 الفعلية في تقديرات الإنتاج والاستهلاك.

- اعتمدنا عدد أيام الاستهلاك السنوية 365 يوم.

- قد نرى اختلافاً في الأرقام وهذا مرده لاختلاف الجهات التي تعد التقارير.

- يضاف لبعض الحسابات بعض المصاريف الاخرى؛ مثلاً الغاز الطبيعي يحتاج لمصاريف تسييل لهذا يظهر بحسابات بعض الدول بأرقام أكثر من القيم المحسوية.

أولاً: الاتحاد الروسي:

الناتج المحلي 1.527 تريليون دولار.

عدد السكان: 144 مليون نسمة.

كمية الغاز الطبيعي المستهلك سنوياً: 425 مليار متر مكعب.

قيمة فاتورة الغاز: 67.5 مليار دولار سنوياً يضاف لها تكاليف التسييل.

كمية النفط المستهلك يومياً: 3.2 مليون برميل.

قيمة فاتورة النفط: تقريباً 76 مليار دولار سنوياً تقريبا.

إجمالي الفاتورة =  153 مليار دولار تقريباً + مصاريف أخرى.

ثانياً: المملكة العربية السعودية

الناتج المحلي 684 مليار دولار.

عدد السكان: 32 مليون نسمة.

كمية الغاز الطبيعي المستهلك سنوياً: 112 مليار متر مكعب.

قيمة فاتورة الغاز: 17.8 مليار دولار سنوياً يضاف لها تكاليف التسييل.

كمية النفط المستهلك يومياً: 3.9 مليون برميل.

قيمة فاتورة النفط: تقريباً 92.5 مليار دولار سنوياً.

إجمالي الفاتورة 110 مليار دولار + مصاريف أخرى.

ثالثاً: الجمهورية الإسلامية الإيرانية

الناتج المحلي 432 مليار دولار.

عدد السكان: 80 مليون نسمة.

كمية الغاز المستهلك سنوياً: 214 مليار متر مكعب.

قيمة فاتورة الغاز: 34 مليار دولار سنوياً يضاف لها تكاليف التسييل.

كمية النفط المستهلك يومياً: 1.8 مليون برميل.

قيمة فاتورة النفط: 43 مليار دولار سنوياً تقريبا.

إجمالي الفاتورة = 78 مليار دولار + مصاريف اخرى.

رابعاً: الجمهورية التركية

الناتج المحلي 849 مليار دولار.

عدد السكان: 80 مليون نسمة.

كمية الغاز المستهلك سنوياً: 53.5 مليار متر مكعب.

قيمة فاتورة الغاز: 8.5 مليار دولار سنوياً يضاف لها تكاليف التسييل.

كمية النفط المستهلك يومياً: مليون برميل.

قيمة فاتورة النفط: 23.75 مليار دولار سنوياً.

إجمالي الفاتورة = 32.25 مليار دولار + 5 مليار تكاليف أخرى.

الاستنتاجات:

 استهلاك تركيا من الغاز:

- تستهلك تركيا من الغاز نصف ما تستهلكه السعودية رغم أن الناتج المحلي التركي أكبر من السعودي بأكثر من 1.2 مرة.

- تستهلك تركيا من الغاز ربع ما تستهلكه إيران رغم أن الناتج المحلي التركي يساوي ضعفي الناتج المحلي الإيراني.

- تستهلك تركيا من الغاز واحد من ثمانية مما تستهلكه روسيا رغم أن الناتج المحلي الروسي يعادل 1.8 مرة فقط الناتج التركي.

استهلاك تركيا من النفط: 

- تستهلك تركيا من النفط ربع ما تستهلكه السعودية رغم أن عدد سكان تركيا يعادل مرتين ونصف عدد سكان السعودية.

- تستهلك تركيا من النفط نص ما تستهلكه إيران رغم أن عدد السكان متساويين بين تركيا وإيران.

- تستهلك تركيا من النفط واحد من ثلاثة مما تستهلكه روسيا رغم أن عدد سكان روسيا يعادل 1.8 عدد سكان تركيا فقط.

نسبة الطاقة من إجمالي الناتج المحلي

تركيا = 4 %

روسيا= 10 %

السعودية = 16 %

إيران = 18 %

نلاحظ بعد دراسة حجم الإنتاج والسكان والأسعار وغيرها من عوامل نجد أن تركيا أكفأ في استغلال الطاقة لعدة عوامل من أهمها:

- اعتماد تركيا في مواردها من الطاقة على الطاقة المتولدة من السدود بشكل رئيس.

- اعتماد تركيا على موارد أخرى في الطاقة كالرياح وغيرها.

- اعتماد تركيا على أدوات وطرق استخدام ربما أكفأ.

تحاول تركيا باعتيارها دولة مستوردة للنفط والغاز وهذا يؤثر في ارتفاع الفاتورة التي تؤثر بدورها في الاقتصاد الكلي، لأنه يعني خروج العملات الصعبة وبالتالي تتأثر الليرة. ولهذه الأسباب يحتل قطاع الطاقة المرتبة الثانية في قائمة استثمارات البنية التحتية بقيمة تقدّر بنحو 125 مليار دولار، تتضمن مشاريع إنشاء محطات للطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما تبلغ قيمة مشروع مجمع الطاقة النووية الثالث 15 مليار دولار.

وبعيداً عن الاستهلاك المحلي يلعب موقع تركيا دوراً هاماً في الصراع على خطوط امداد الطاقة، لهذا تعمل الان على ثلاثة محاور أساسية، بدءاً من مشروع خط الأناضول TANAP لنقل الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا، وكذلك مشروع السيل التركي Turkish Stream لنقل الغاز الروسي، والأهم هناك مشاريع جديدة تماماً، حيث أظهرت تقارير متنوعة أن تركيا تجري مشاورات حول العديد من مشاريع خطوط نقل الطاقة مثل مشروع نقل الغاز الإيراني والتركمنستاني.

عن الكاتب

د. عبد الرحمن الجاموس

أستاذ في الاقتصاد واستراتيجيات الادارة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس