ترك برس - الأناضول

تتميز مدينة إسطنبول التركية بطبيعة جغرافية فريدة، فهي تتوزع على القارتين الآسيوية والأوروبية، ويفصلهما مضيق البوسفور، الذي يجسد جانبا من عظمة وجمال المدينة العريقة.

يبلغ طول المضيق 32 كيلومترا، وهو يتدفق من بحر مرمرة جنوبا باتجاه البحر الأسود شمالا.

كما تدفق فيه مياه جوفية من الشمال إلى الجنوب، ما يجعل مياهه متحركة بشكل دائم، ومعبرا مهما للانتقال بين البحر الأسود والمياه الدافئة الواصلة للبحر المتوسط.

** رحلة بحرية 

البوسفور يمنح إسطنبول جمالا طبيعيا على ضفتيه، ما جعلهما من أغلى الأماكن في العالم.

تتوزع على شطريه معالم تاريخية كثيرة، من أبنية أثرية وقلاع وقصور وجوامع وكليات وفنادق راقية.

لا يمكن لزائر إسطنبول ألا يقوم برحلة بحرية في مضيق البوسفور، ليشاهد، على مدار ساعات، أبرز المواقع على الضفتين، التي يغلب عليهما الخضرة كلما اتجهت شمالا.

وجرت العادة أن يستضيف البوسفور رحلات سياحية عادية ورحلات للأعراس والمناسبات الخاصة، يقدم فيها طعام ومشروبات ساخنة وباردة.

يربط البوسفور ثلاثة جسور معلقة، هي: جسر شهداء 15 تموز/ يوليو الذي افتتح عام 1973، وجسر السلطان محمد الفاتح (1988) وجسر ياووز سليم (2016).

ويمر من البوسفور بين القارتين نفق أوراسيا البحري للسيارات وبينهما سكة حديد وقد افتتح عام 2016، فضلا عن خط مترو "مرمراي"، الذي افتتح في 2013.

كما تتواجد مراكب تنقل المواطنين الراغبين بين الشطرين، بحسب الأحياء السكنية بين آسيا وأوروبا.

هذه المراكب كانت تستخدم منذ العصور القديمة، قبل بناء الجسور والأنفاق.

** سلاسل البوسفور

خلال التاريخ شكلت عملية السيطرة على المضيق صراعا كبيرا بين الدول العظمى.

امتلاك السيطرة على البوسفور كان يُصّعب من استيلاء أطراف أخرى على إسطنبول والمضيق، ولهذا كانت المدينة صامدة وعصية على السيطرة.

قبيل الفتح العثماني للمدينة، عام 1453، كان البوسفور يُغلق بسلاسل حديدية ضخمة تمنع عبور السفن، حيث كانت تمتد من بداية المضيق جنوبا على بحر مرمرة، وتغلق بوابة خليج القرن الذهبي أيضا.

ولهذا الغرض بُنيت "قلعة بنت الملك" الشهيرة قرب الشطر الآسيوي للمدينة، وإن كانت أسطورة تقول إنها بنيت لحماية ابنة الملك من تعويذة كاهن.

إلا أن القلعة، غير المعلوم تاريخ بنائها، كانت تستخدم لربط السلال الحديدية لإغلاق البوسفور في مواجهة هجمات الأعداء، وتحصيل الضرائب من السفن التجارية.

** الشطر الأوروبي

ثمة العديد من المناطق والمعالم التي يمكن رؤيتها في رحلة بحرية عبر البوسفور.

على الشطر الأوروبي تبدأ الرحلة، برؤية قصر "دولما باهتشة" التاريخي، الذي بني في القرن التاسع عشر بواسطة السلطان عبد المجيد، وهو حاليا متحف مميز في تركيا.

على هذا الخط يمكن رؤية جوامع وفنادق، منها جامع أورطا كوي، وفندق الفصول الأربعة.

وكذلك قصر "تشران ساراي" على البوسفور مباشرة، وهو من أرقى وأغلى الفنادق في إسطنبول، وهو قصر بني في القرن التاسع عشر، ويجمع الطرازين الشرقي والغربي.

إضافة إلى قصر سيد حلمي باشا، وهو من أهم وأرقى الأماكن التي تستضيف أعراسا في تركي.

وبني القصر بشكله الحالي لعائلة حلمي باشا الصدر الأعظم في 1820، وكذلك قصر خديجة سلطان، وبني عام 1800.

مع عبو الجسر الأول، وهو جسر شهداء 15 تموز/يوليو، تظهر قصور ممتدة وصولا إلى منطقة ببك، حيث قلعة روملي حصار، التي بناها السلطان محمد الفاتح قبل فتح المدينة، لتشديد الخناق عليها.

وتمتد الرحلة إلى منطقة "صاري يير" وغابات بلغراد، وبعد عبور جسر إسطنبول الثالث، المعروف باسم "ياووز سليم"، تصل الرحلة إلى البحر الأسود.

** الشطر الآسيوي

على الطرف الآخر من الجانب الآسيوي جنوبا يمكن رؤية جامعة مرمرة وحي قاضي كوي و"قلعة بنت الملك"، مرورا بحي أوسكودار.

بعدها تبدأ سلسلة من القصور المتميزة والقديمة، وصولا إلى الثانوية العسكرية السابقة، المعروف بمدرسة كوليلي، وبنيت في 1845.

ومن القصور الممتدة على هذا الطرف، قصر عبود أفندي، وبني في القرن التاسع عشر، وقصر أحمد فتي باشا، وبني عام 1815، ويسمى بالقصر الوردي.

وتشرف مجموعة من تلال إسطنبول على مضيق البوسفور في إطلالة متميزة جميلة.

من أهمها تلة تشاملجا، المعروفة بتلة العرائس، والتلة التي افتتح فيها، في رمضان الماضي، جامع تشاملجا، وهو أكبر جامع بني في تاريخ الجمهورية التركية، ويمكن رؤيتها من الجانب الأوروبي.

ويوميا يشهد البوسفور حركة مكثفة لمراكب وجولات سياحية ويخوت خاصة، فضلا عن سفن كبيرة تنقل حمولات تجارية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!