ترك برس

تباينت آراء المحللين والمراقبين للشأن السوري حول الاتفاق الذي توصلت إليه المعارضة السورية مع إيران يوم الثلاثاء لإجلاء آلاف الأشخاص من بلدتي كفريا والفوعة (تقطن فيهما أغلبية شيعية)، مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين في سجون النظام السوري.

وذكرت تقارير إعلامية أنه بموجب الاتفاق سيتم إجلاء سكان البلدتين ويبلغ عددهم نحو 6 آلاف و900 شخص، مقابل الإفراج عن 1500 معتقل من سجون النظام.

وفي أبريل / نيسان الماضي، رعت روسيا اتفاقا يقضي بخروج مدنيين ومسلحين معارضين للنظام من جنوب دمشق إلى إدلب، مقابل نقل موالين للنظام من البلدتين.

وأشارت تقارير إلى أن خروج الحافلات سيتزامن مع تنفيذ بنود الاتفاق الروسي – التركي، الذي يشترط إخراج المتبقين في الفوعة وكفريا والإفراج عن من تبقى من مختطفي بلدة اشتبرق، مقابل ضمان روسيا بعدم شن عملية عسكرية في إدلب والإفراج عن مئات المعتقلين ونقاط أخرى توافق عليها الطرفان الروسي والتركي.

وبحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فإن تركيا ستؤمن الجزء الواقع في محافظة إدلب من طريق دمشق – حلب الدولي، وسيتم الإفراج عن من تبقى من مختطفي بلدة اشتبرق لدى فصائل المعارضة.

وذلك مقابل تعهد روسيا بعدم تنفيذ عملية عسكرية في إدلب والسماح بتسلم تركيا لمنطقة تل رفعت التي تتواجد فيها القوات الإيرانية ووحدات حماية الشعب الكردي، والإفراج عن المئات من المعتقلين والسجناء لدى قوات النظام من ضمنهم عناصر من هيئة تحرير الشام ومن فصائل أخرى.

ويرى الباحث في الشؤون التركية – الروسية، باسل الحاج جاسم، في حديث مع صحيفة القدس العربي: "في الحقيقة، إن اتفاق المدن الأربعة ليس جديدًا، ولكن ما يثير كثيرًا من علامات الاستفهام تحديدًا، هو استكمال هذا الاتفاق اليوم.

ففي السابق، ومع بداية الاتفاق، كان واضحًا أنه جاء في إطار صفقة تجاوزت الجغرافية السورية، ولأسباب لا علاقة للسوريين بها".

وتابع: "المعارضة اليوم لم تعد تمتلك أي تأثير حقيقي على مجرى الأحداث في سورية، ومن ثم فمستبعد القول إن ما يجري يعدّ صفقة ناجحة لها".

ولم يستبعد أن "يكون إجلاء كفريا والفوعة، بداية لإيقاف وقف إطلاق نار شامل عبر التفاهمات التركية الروسية، وإخراج كل الميليشيات الأجنبية من سورية، والإعداد لدستور جديد أو تعديل دستوري، وصولاً لحل سياسي يرضي الأطراف الدولية والإقليمية".

ووفق تقرير للقدس العربي، فإن دخول اتفاق المدن الأربع، حيز التنفيذ، أثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبر بعض السوريين عن استيائهم من إفراغ البلدات الشيعية التي رأوا فيها مقدمة لحملة عسكرية روسية وشيكة على المنطقة.

فيما ذهب البعض إلى أن إفراغ مقاتلي ومدنيي كفريا والفوعة، علامة تشير إلى دخول إدلب بر الأمان، برعاية تركية.

بدوره قال الخبير في العلاقات الدولية، محمد العطار، إن إفراغ كفريا والفوعة هي الخطوة لتوسعة دائرة التغيير الديموغرافي بين السوريين، وفق صفقات دولية، لم يجنِ منها السوريون سوى مزيد التمزيق والخراب، تمهيدًا لتقسيم سوريا على مختلف الأصعدة.

وفي اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين السبت الماضي، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية في مقدمتها القضية السورية.

أردوغان أعرب لبوتين عن قلقه من استهداف المدنيين في محافظة درعا، وأكد له أن "تقدم قوات النظام نحو محافظة إدلب بطريقة مماثلة يعني تدمير جوهر اتفاق أستانة".

كما شدد على أن تجنب حدوث أي تطورات سلبية في إدلب يحظى بأهمية بالغة، لجهة إقناع المعارضة السورية بالمشاركة في اجتماعات أستانة المقررة يومي 30 و31 يوليو / تموز الجاري في مدينة سوتشي الروسية.

الجانبان متفقان بحسب مصادر في الرئاسة التركية، على أن تقريب وجهات النظر بين الدول الضامنة لمسار أستانة، تركيا وروسيا وإيران، والدول الأعضاء في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، الذي تقوده أمريكا، سيسرع في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، بما يضمن وحدتها وسلامة أراضيها.

ويقول الكاتب محمود عثمان، في مقال بوكالة الأناضول التركية، إن إدلب سوف تشكل أول امتحان جدي للعلاقات التركية الروسية، وبوتين أمام خيار صعب..

فإما أن يستجيب بوتين للرئيس أردوغان فيمنع النظام والإيرانيين من مهاجمة إدلب، وهذا لا يوافق توجهاته بالحسم العسكري، وتصفية المعارضة السورية عسكريا، أو يذهب إلى نهاية المطاف مع طهران، بإعادة إنتاج نظام الأسد وفرضه بالقوة، بعد أن فشل في مقايضته مع الأمريكان.

ويضيف عثمان: "معلوم لدى الجميع أن لا قدرة للنظام ولا المليشيات الشيعية المساندة له على شن عملية عسكرية في إدلب دون غطاء جوي روسي..

ومعلوم أيضا أن لدى تركيا العديد من وسائل الضغط على موسكو، ليس أولها القدرة على تقويض مسار أستانة بانسحابها منه، وليس آخرها تغيير قواعد الاشتباك، حال لم يلتزم الروس بتعهداتهم.

يبقى السؤال الأصعب، إلى أي مدى تستطيع تركيا، بحكومتها الجديدة، التضحية بعلاقاتها مع روسيا، إن هي أصرت على شن هجوم عسكري محتمل ضد إدلب؟".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!