صالح تونا – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أصبحنا جميعًا نعلم جيدًّا كيف تفعّل الولايات المتحدة خطابها في "مكافحة الإرهاب" أو "جلب الديمقراطية"، وهي تعمل على التدخل في المنطقة.

في الملف السوري على وجه الخصوص، ما فتئت واشنطن تتحدث عن تنظيم داعش.

بفضل هذا التنظيم أثاروا لدى المجتمع الدولي "تصورًا إسلاموفوبيًّا" من جهة، ومهدت الطريق من جهة أخرى لتأسيس إسرائيل ثانية" في شمال سوريا.

لا بد أنكم لم تنسوا كيف أفسحت المجال أمام امتداد التنظيم في سوريا، وبعد ذلك أخرجوه من المناطق التي سيطر عليها، وأحلت مكانه ما سمته "جيشنا البري"، وهو فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا (جهزته بآلاف الشاحنات من السلاح).

لكن في الآونة الأخيرة، هل سمعنا الولايات المتحدة تتحدث عن "الإرهاب" بشكل عام، وعن "داعش" بشكل خاص؟

لا.

في هذه الحالة، لنتساءل: ماذا وراء اهتمام الولايات المتحدة بإدلب؟

***

يمكننا أن نتفهم اهتمام ألمانيا. بالنتيجة هي تستضيف حوالي مليون مهاجر سوري. وبالطبع هذا رقم يضعها بين أكثر الدول استضافة للاجئين بعد تركيا.

ولهذا فإن اهتمام ألمانيا على مستوى وزير خارجيتها هايكو ماس بمسألة إدلب أمر طبيعي للغاية. لكن ما خطب جيفري (الممثل الخاص للولايات المتحدة لشؤون سوريا)؟

لماذا تهتم الولايات المتحدة بإدلب إلى هذا الحد؟

إذا أجبت بأن السبب هو المعارضة.. ألم تدعمها واشنطن في بداية الأمر، ثم تركتها في منتصف الطريق؟

وإذا أجبت بأن مجازر الأسد وراء الاهتمام الأمريكي بإدلب.. ماذا فعلت واشنطن تجاه أي من المجازر السابقة؟

ألا تتفاوض مع نظام البعث عن طريق ما سمته جيشها البري؟

وإذا أجبت بأنها المأساة الإنسانية، أو المذابح، أو موجات الهجرة..

لا لا، الأفضل عدم التفوه بهذه الإجابات، لأن الوقت ليس وقت الهزل!

***

هل تستخدم الولايات المتحدة إدلب ذريعة من أجل حشد قواتها في البحر المتوسط، أم أنها تريد اتخاذ موقف المواجهة مع روسيا، هذا أمر قابل للنقاش.

لكن هناك أمر لا يقبل الجدل وهو أن الولايات المتحدة تسعى إلى نسف "التحالفات" الجديدة التي أقامتها تركيا.

كانت الإدارة الأمريكية ترغب بشدة في تدخل تركيا فعليًّا في سوريا بعد الربيع العربي.

أود أن أذكركم بما قاله جون حنا، نائب مستشار الأمن القومي لديك تشيني،  نائب الرئيس جورج بوش الابن في ولايته الأولى.

كتب حنا في مجلة فورين بوليسي أن "أوباما امتعض بشدة جراء عدم رغبة أردوغان في استخدام الجيش التركي من أجل إنهاء الفوضى المستمرة في سوريا".

أرادت الولايات المتحدة إرغام أنقرة على دفع الثمن من خلال محاولتها إعلان تركيا "بلدًا داعمًا للإرهاب"، عن طريق مكيدة دبرها مطيتها تنظيم "غولن" مستخدمًا مزاعم نقل شاحنات لجهاز الاستخبارات التركي أسلحة إلى "إرهابيين" في سوريا.

هذا ثمن عدم الوقوع في شراكهم..

عن الكاتب

صالح تونا

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس