نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

فضلت الولايات المتحدة العمل مع "بي كي كي" كحليف في العمليات ضد داعش خريف 2014. سهّل هذا الخيار على المدى القصير مهمة واشنطن على الساحة.

وفي الوقت نفسه، أدى إلى سلسلة من التطورات لصالح التنظيم، الذي بنى مع مرور الوقت، قدرة عسكرية من جهة، وزاد من ظهوره على الساحة الدولية من ناحية أخرى.

قُوبل هذا الموقف الأمريكي باستياء من جانب تركيا وسوريا والعراق وإيران وروسيا، لكن لم يظهر رد فعل يدفع واشنطن للعدول عن قرارها. لأن البلدان المذكورة لديها أولويات وأهداف مختلفة في سوريا، أو مشغولة بمشاكلها الداخلية.

فاهتمام إيران كان منصبًّا على غرب الفرات عن طريق حزب الله. ووضع الأسد عدوه الأصلي السنة في البلاد هدفًا له. أما العراق ففقد السيطرة على نصف أراضيه، وانشغلت روسيا بتأمين قواعدها البحرية والجوية. لم يبق إلا تركيا قادرة على الاعتراض.

تحالف الولايات المتحدة مع "بي كي كي"، الذي تعتبره تنظيمًا إرهابيًّا، دفعها للبحث عن مخرج لهذا التناقض، وجدته في تغيير "غلاف" التنظيم.

أما "بي كي كي" فعمل على إبقاء تركيا بعيدة عن التدخل في سوريا من خلال حرب المدن التي أطلقها في جنوب شرق البلاد.

مع "الغلاف" الجديد أضحى اسم "بي كي كي" قوات سوريا الديمقراطية، وانضمت بعض العشائر العربية إلى هذا الكيان طمعًا بمكاسب قصيرة الأمد.

بدا للجنرالات الأمريكيين أن تسويق "بي كي كي" بهذا "المكياج" الجديد فكرة "ذكية ومبتكرة".

في الوقت الراهن، دور داعش في سوريا والعراق آخذ في التضاؤل. ومع تغير أولويات الولايات المتحدة بدأت برسم أدوار جديدة لـ "بي كي كي".

واشنطن تعتبر التنظيم قوة قادرة على احتلال المنطقة التي ستمنع إيران من الوصول إلى سوريا عن طريق العراق، وتعامله على أنه العنصر المحلي، الذي سيتيح لها إمكانية الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل تحديد مستقبل سوريا.

مع تراجع دور داعش الجغرافي في شرق الفرات، تطفو على السطح علاقات التنافس والنزاع والتصادم بين العشائر العربية، التي دُفعت خلف الستار. ويمكن اعتبار المظاهرات والاعتراضات في الرقة ودير الزور قبل أيام أول مؤشر على هذا التطور.

تواصل تركيا توجيه الرسائل الجدية في سوريا، بينما تضغط على "بي كي كي" في الداخل من جهة أخرى.

أما الولايات المتحدة فإن سوريا آخذة في التحول إلى مركز امتحان صعب بالنسبة لها.  امتحان سيكشف فيما إذا كانت واشنطن قادرة على التعامل في نفس الوقت مع العشائر العربية وتنظيم إرهابي "بي كي كي"، وحليفتها تركيا، ومنافستيها إيران وروسيا.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس