سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ لحظة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرار سحبه قوات بلاده من سوريا أواسط الشهر الماضي، بدأت البلدان المعنية بالتفكير في المواقف التي ستتخذها إزاء هذا التطور غير المتوقع.

بيد أن القرار المفاجئ لم يتبلور ويصبح قاطعًا بعد رغم مرور كل هذه المدة على صدوره. صحيح أن الرئيس اتخذ القرار بمبادرة شخصية لكن اتضح خلال فترة قصيرة أن أقرب مساعديه يعارضون الفكرة.

أمام الضغوط الداخلية والخارجية بدأت الإدارة الأمريكية تقوم بمناورات مختلفة، ما سبب تشوشًا في الأذهان، وأدى لطرح تساؤل عما إذا كان الانسحاب سيتحقق أم لا..

مؤخرًا، أعلن السيناتور ليندسي غراهام عقب اجتماع مع ترامب أن الانسحاب العسكري سوف يتباطأ، وقد يمدد إلى أربعة أشهر. لكن قبل مضي وقت طويل، نفى ترامب صحة تصريحات غراهام.

وفي المقابل، أوضح ترامب، خلال زيارته القوات الأمريكية في العراق بمناسبة رأس السنة، أن هذه القوات ستبقى وستقدم الدعم من أجل سوريا.

تناقضات بشأن الانسحاب

باختصار، فكرة الانسحاب التي طرحها ترامب، أصبحت بؤرة من التناقضات. وبطبيعة الحال هذا ما يصعب على البلدان المعنية بالمسألة عن كثب اتخاذ مواقفها، وعلى الأخص التوافق على قاسم مشترك في سوريا.

في المقابل، تحسب الدبلوماسية التركية كل الاحتمالات الواردة في هذه المرحلة، وتبقي على قنوات التشاور مفتوحة مع الولايات المتحدة وروسيا وبعض البلدان (بما فيها العراق).

علينا الاعتراف بأن هناك خلافات جوهرية في المواقف المتبادلة خلال المرحلة الحالية من المباحثات. باختصار:

1- ترحب تركيا بقرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا، لكنها تريد أن يخضع شرق الفرات ومنبج لسيطرة الجيش التركي والجيش الحر المدعوم من أنقرة. الغاية هي تطهير المنطقة من وحدات حماية الشعب، ولهذا تبقي تركيا على الخيار العسكري مطروحًا.

2- رغم أن استراتيجية الانسحاب الأمريكية لم تتضح بعد إلا أن واشنطن لا ترغب بتسليم المنطقة التي تسيطر عليها إلى الجيش التركي وبالقضاء على وحدات حماية الشعب. لهذا تسعى لإيجاد حلول أخرى لطمأنة مخاوف تركيا الأمنية (إقامة منطقة عازلة مثلًا).

3- الانسحاب الأمريكي هو فرصة بالنسبة لروسيا، وبفضله يمكنها تعزيز نفوذها في المنطقة. مع أن موسكو تتفق مع أنقرة حول وحدة الأراضي السورية وبعض المبادئ المشابهة إلا أنها لا ترغب بأن يسيطر الجيش التركي وحده على شرق الفرات، وتقول بضرورة تسليم هذه الأراضي لنظام الأسد. وهذا ما يخالف وجهة النظر التركية.

العملية الدبلوماسية طريق شاق وطويل. إذا نظرنا إلى الخلافات الجوهرية بين هذه المواقف يتضح أنه ليس من السهل أبدًا إيجاد قاسم مشترك والتوافق بين الأطراف المعنية.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس