ترك برس

أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الخميس، أن بلاده اتخذت الخطوات اللازمة لوقف الهجمات التي شنتها "جماعات راديكالية" على مقاتلي المعارضة بمحافظة إدلب السورية، في الآونة الأخيرة.

وفي 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بدأت اشتباكات في إدلب بين "حركة نور الدين الزنكي" أحد فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، و"هيئة تحرير الشام"، توسع نطاقها لاحقًا إلى ريفي حماة وحلب.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصادر لها أن فصائل المعارضة السورية والمجموعات المسلحة المناهضة لنظام بشار الأسد، توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فيما بينها في محافظات إدلب وحلب وحماة.

وقالت الوكالة إنه تم التوصل إلى اتفاق بين "الجبهة الوطنية للتحرير" التابعة للجيش السوري الحر، و"هيئة تحرير الشام" المناهضة لنظام الأسد.

وأشارت إلى أن الاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في عموم إدلب، وإزالة الخنادق والسواتر بشكل متبادل بين المجموعات المعنية في المحافظة السورية، فضلًا عن تبادل أسرى.

بدورها نقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر تركية فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن أنقرة لديها خياران للتعامل مع "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام): الأول سياسي يتعلق بأن تسعى إلى إدخالها في العملية السياسية مع المعارضة، بعد حل نفسها، وهو الأمر المستبعد مع رفض "هيئة تحرير الشام" الدعوات التركية السابقة، وبعد التطورات العسكرية الحاصلة حالياً.

أما الخيار الثاني، حسب الصحيفة، فهو الأرجح بالنسبة للمصادر المقربة من وزارة الخارجية التركية، فيقوم على التعامل العسكري التركي المباشر مع "الهيئة"، بعد أن جرى استقطاب فصائل المعارضة الناجية من هجوم "جبهة النصرة" في منطقة عفرين، تمهيداً لترتيب الصفوف لأي أعمال عسكرية لاحقة في إدلب ومنطقة شرق الفرات، خصوصاً مع رفض "الهيئة" منح معابر حدودية طلبتها أنقرة، من بينها معبر باب الهوى، ما يساهم في ازدياد النقمة التركية عليها.

وأشارت المصادر إلى امتعاض كثر في بعض مؤسسات الدولة التركية، لأن تصرفات "هيئة تحرير الشام" تضر بالسياسة الخارجية التي تتبعها تركيا لحماية إدلب من تبعات انتشار "الهيئة"، وإعطاء الذريعة لخصوم أنقرة.

وتشير المصادر إلى أن اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو هذا الشهر، "ربما يوضح شكل الصفقة التركية الروسية حول إدلب وشرق الفرات، في ظل احتمالات بأن ينفذ النظام مع روسيا عمليات عسكرية بالمنطقة، قبل حصول التفاهم التركي الروسي، إذ إن هذا التفاهم ساهم باعتراف موسكو بانسحاب العناصر المتطرفة من المنطقة منزوعة السلاح وسحب السلاح الثقيل من المنطقة، رغم أن ذلك لم يكن قد حصل بالفعل من قبل هيئة تحرير الشام".

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "كوجا إيلي" التركية، سمير صالحة، قال في تعليق على هذه التطورات: "لا أظن أن أنقرة تقف موقف المتفرج على هذه الهجمات التي تنفذها عناصر النصرة ضد قوى المعارضة المعتدلة المقربة من تركيا".

ورأى صالحة أن المسألة مرتبطة بقرار شن عملية عسكرية واسعة في هذه المنطقة ضد هذه المجموعات أم لا.. يبدو أن هناك إصرارا من هيئة تحرير الشام والمجموعات المقربة منها، على استغلال الفرصة السانحة الآن، بسبب انشغال أنقرة بملف آخر هو شرقي الفرات".

وأضاف: "يبدو أن النصرة تريد تسجيل بعض التقدم الميداني والعسكري والسياسي، طالما أن أنقرة في هذه الفترة ترصد عن قرب مسار الأمور في منبج والمنطقة المجاورة، وهناك رغبة واضحة لدى البعض في تشتيت الجهود التركية التي تنسق مع قوى المعارضة، وإشغالها بجبهتي إدلب ومنبج وشرق الفرات، في محاولة لإخراجها ضعيفة من الملف السوري".

واستطرد: "لذلك أنقرة حريصة على ألا تدخل في مواجهة عسكرية غير محسوبة، وألا تشتت جهودها مع المعارضة في الدخول في مواجهة عسكرية على حساب جبهة أخرى، ولا أعتقد أن المسألة ستطول كثيراً".

في سياق متصل، رأى الخبير بالشأن التركي ناصر تركماني، أن لدى أنقرة أولوية في الملف السوري، وهي التركيز على إنهاء وجود المليشيات الكردية في مناطق شرق الفرات ومنبج.

وقال تركماني، وفق صحيفة "عربي21"، إن "تركيا تركز حاليا على التعامل عسكريا مع وضع المليشيات التابعة لحزب "العمال الكردستاني" (PKK) المصنف إرهابيا، في الضفة الشرقية لنهر الفرات، بينما هناك تأجيل لملف إدلب إلى ما بعد الانتهاء من الملف الكردي".

وأضاف تركماني أن سياسة تركيا منذ بداية الثورة السورية أن لا تقف ضد طرف سوري شارك في قتال النظام السوري، وهي رغم تصنيفها لـ"تحرير الشام" ذات الجذور القاعدية من الفصائل الإرهابية، لا تريد أن تكون طرفا في هذا الصراع الذي يخدم النظام، في الوقت الذي تواجه أنقرة تحديات كبيرة في المنطقة.

وأوضح أن تركيا تدرك تماما حقيقة الوضع العسكري الهش في الشمال السوري، جراء رغبة كل من النظام السوري وإيران إنهاء الاتفاق التركي – الروسي (سوتشي)، ولذلك لا ينقصها مزيدا من التسخين العسكري في هذه المنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!