حسن بصري يالتشين – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أخرجت السياسة الأمريكية الخارجية المترنحة أرنبًا جديدًا من القبعة. أعلنت الولايات المتحدة أنها ستبقي 200 جندي في سوريا رغم أنها كانت تتحدث عن سيناريوهات مختلفة حتى الأمس. 

مؤخرًا دعت واشنطن البلدان الأوروبية لتشكيل قوة مشتركة، لكن لم تنل مبتغاها. والآن عادت لفكرة إبقاء قوة رمزية في سوريا.

في الحقيقة الخبر ليس مفاجأة. لأن هناك عدد مشابه من العملاء والقوات عسكرية للولايات المتحدة في كل مكان، ووإبقاء 200 جندي في سوريا لمدة معينة ليس قرارًا استراتيجيًّا. 

بيد أن الأمر حين يتعلق بسوريا يجذب انتباهنا بطبيعة الحال. ويتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي: "هل هي خطة جديدة للمماطلة؟". 

نحن محقون في طرح السؤال المذكور، والأمر يتطلب منا اليقظة والحذر. لكن لا أعتقد أن هناك لعبة في هذ القرار. 

نعم، هناك أشخاص في الدولة الأمريكية يؤيدون المماطلة حتى النهاية، وهم أكثرية. الحقيقة هي أن هناك نزاع ومساومات بين هؤلاء وترامب . 

أعلن الرئيس الأمريكي قرار الانسحاب، لكن المسؤولين في المستوى الأدنى ربما يريدون تقييد أو تأخير الانسحاب من خلال تضييق خيارات طريقة تنفيذه. 

لهذا لا يمكننا القول إن الولايات المتحدة كلها تسعى للمماطلة. أمامنا أمريكا ليس من الواضح ماذا تفعل ولماذا، وغير قادرة على تحديد اتجاهها من خلال النظر إلى المعادلات القائمة. 

لسنا الوحيدين الذين يعانون من هذه الحالة، فالعالم بأسره يعمل على حل هذه المعادلة متعددة المجاهيل.

ولهذا من المفيد الابتعاد قليلًا وإجراء قراءة متحررة من الأقاويل. يمكننا أن نسأل :إلى أين تجرنا الظروف؟"، عوضًا عن "من صرح؟ وماذا قال؟" و"ماذا يريد فلان؟".

عند النظر من هذه الزاوية يمكننا توقع انجرار أمريكا في هذه الفوضى ما لم تتخذ قرارًا استراتيجيًّا جديدًا. على سبيل المثال سيستمر الخمول لدى الولايات المتحدة طالما لم ترمي بثقلها في جبهة جديدة كإيران. 

لا داعي للتشاؤم. بالأمس أقنعنا الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، واليوم أقنعها البعض بإبقاء 200 جندي. غدًا يمكننا دفعها أكثر ثم نقدم على خطوة في شرق الفرات. 

أقولها دائمًا يجب النظر إلى المسألة على أنها حدث يتبع مساره، وليس إلى نتائجها النهائية. كل ما علينا هو اغتنام الرياح في الوقت المناسب في هذا المسار، وأن نتقدم نقطة تلو الأخرى. 

كما قلت دائمًا، لسنا في نهاية المطاف. كل موقع نتمسك به في هذه الفوضى سيشكل دعمًا لما بعده. 

وعلينا ألا ننسى بأن 200 جندي لا يكفون للسيطرة على المنطقة. يمكن استخدامهم فقط لجمع المعلومات، وأهميتهم رمزية. هذا يعني اتساع مجال المناورة أمام تركيا. 

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس