تقرير ترك برس - ديلي صباح

أجرت تركيا عملية ناجحة ذات شقّين في وقت متأخر من يوم السبت الماضي لنقل قبر سليمان شاه إلى موقع آخر شمالي سوريا قرب الحدود التركية في قرية "أشمه". كان تغيير مكان القبر محاولة لتقليل المخاطر التي فرضتها الصراعات والتوترات في المنطقة. في حين يرى بعض الخبراء أن خيار تركيا في نقل القبر إلى مكان أكثر أمناً من الموقع السابق، مؤشراً على تغير في العلاقة مع الأكراد السوريين سيكون له أثر إيجابي على عملية السلام الداخلي في تركيا.

وقد أدّت دائرة النار المحيطة بموقع القبر، والصراعات المحتدمة قربه، إلى جانب تقارير استخباراتية حول هجوم محتمل لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على القبر، إلى دفع الحكومة لاتخاذ إجراء وقائي تمثّل في تغيير موقعه وسحب الجنود الذين كانوا يحمونه.

كان نقل موقع القبر يكتسب أهمية أكبر مع مرور الوقت، وذلك نتيجة للتهديد من قبل تنظيم الدولة الذي لا زال يتواجد في المنطقة، ممّا أثار تساؤلات حول الحاجة لنقل القبر أو عدمها. عبرت القوات المسلحة التركية الحدود السورية في وقت متأخر مساء السبت، وكانت مكونة من 572 مقاتل، و39 دبابة وأكثر من 150 عربة عسكرية أخرى.

نجحت القوات التركية في الوقت نفسه بتغيير موقع الرُّفات المتبقي من الموقع الأصلي وتأمين موقع آخر في سوريا قريب من الحدود التركية في "أشمه". وعمِدت القوات المسلحة قبل مغادرتها تركيا، إلى تحذير أهالي المناطق التي سيمرّون بها في طريقهم إلى موقع القبر، وإخطارهم بذلك.

وفي الوقت الذي يستمر فيه بناء الضريح الجديد في أشمه، أصبحت الأهمية الاستراتيجية للقرية مثاراً لنقاش ساخن. تسيطر على القرية - التي تبعد عن الحدود التركية مسافة لا تزيد عن نصف كيلومتر - حالياً "قوات الحماية الشعبية (YPG)"، الجناح المسلح لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)".

أثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت العملية قد نُفِّذت بمساعدة وتعاون من حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، الذي تعدّه الحكومة التركية منظمة إرهابية لأنّه يعدّ الجناح السوري لـ "حزب العمال الكردستاني (PKK)". تمّ إنكار هذه التساؤلات من قبل مسؤولين في الحكومة ومصدر رئاسي.

الخبير في السياسات الكردية والكاتب "كورتولوش تاييز"، قال في حديث لديلي صباح إنّ من غير المتوقّع أن تكون تركيا قد تعاونت مع قوات الحماية الشعبية (YPG) وأنّ سبب اختيار الموقع الجديد لا يعدو كونه موقعاً يمكن لتركيا السيطرة عليه بشكل أسهل.

نُفِّذت العملية بنجاح دون أي اشتباك. ويُعتقد أنّ قدرة القوات التركية على عبور الحدود دون التورط في أي قتال نابعة من معرفة الأتراك بالمنطقة وكفاءتهم في استخدام القدرات المحلية بفاعلية. يقول تاييز: "بذلت تركيا جهوداً في عملية المصالحة الوطنية لإنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني (PKK). ولم يكن المقاتلون الأكراد في المنطقة قادرين على مواجهة خطر القوات التركية. لا شك أنّ هذا هو سبب عدم حصول اشتباكات أثناء تنفيذ العملية. فعملية المصالحة الوطنية تحمل تركيا من أي اعتداء من هذه المجموعات".

ومن جهته، رأى المفكر والكاتب الكردي وحيد الدين إنجه أنّ هناك احتمالاً في وجود "مساعدة غير رسمية وغير مباشرة" خلال العملية. وأوضح قائلاً: "قد تكون هذه المساعدة مزحة من قوات الحماية الشعبية (YPG)، فقد ساهمت تركيا في القتال في كوباني ضد مقاتلي تنظيم الدولة بإحضارها قوات البشمركة. وهذا لا يشترط أن يكون بناءًا على طلب أكراد المنطقة المساعدة من تركيا".

وفي نفس السياق، صرّح المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية "إبراهيم كالين" يوم الإثنين بأنّ تركيا لم تنسّق أو تتّصل بقوات الحماية الشعبية (YPG) أثناء عمليتها العسكرية الأخيرة في سوريا لاسترداد رُفات سليمان شاه".

وأوضح كالين في مؤتمر صحفي أنّه "تمّ إخطار حلفائنا والنظام السوري بالعملية. ومع ذلك، لم يكن هناك أي تواصل أو تنسيق مع تنظيم الدولة (داعش)، أو قوات الحماية الشعبية (YPG)، أو الولايات المتحدة الأمريكية"، مؤكداً أنّ الحكومة التركية تعدّ "حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) منظمة إرهابية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!