الخليج أونلاين

أكدت مصادر تركية مقربة من رئاسة الوزراء، لـ"الخليج أونلاين"، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتزم القيام بزيارة، هي الأولى له إلى السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، بعد الزيارة التي قام بها لتأدية واجب العزاء بوفاة الملك عبد الله.

وأفادت المصادر بأن زيارة أردوغان ستأتي في مطلع الشهر القادم، دون تحديد تاريخ معين، في وقت تزايدت فيه أزمات المنطقة، وتصاعد النفوذ الإيراني في كل من اليمن والعراق وسوريا، وخرجت تسريبات من مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تسلط الضوء على الدعم المادي الخليجي لمصر، وما وصف بـ"إساءة" السيسي وفريقه لدول الخليج.

ومع بروز عدة مؤشرات على احتمال تغير السياسة السعودية الخارجية، بوجه عام، فإن المؤشرات الخاصة بتغير هذه السياسة على صعيد العلاقات مع تركيا كانت أبرز وأوضح.

أولى تلك المؤشرات تمثلت بزيارة أردوغان إلى السعودية، لحضور مراسم جنازة الملك عبد الله وتقديم العزاء، بعد أن قطع زيارته إلى القرن الأفريقي، في خطوة تكشف مدى تعويل الدبلوماسية التركية على التغيير المتوقع في سياسة المملكة تجاهها.

وتبع ذلك، مطلع الشهر الجاري، وصول أول فرقاطة حربية تركية إلى ميناء جدة الإسلامي، في خطوة هي الأولى من نوعها، ضمن جهود تعزيز العلاقات الثنائية مع السعودية، والترويج لأول سفينة تركية حربية محلية الصنع، حسبما أعلنت السفارة التركية بالرياض.

وقبل أسبوع، زار وزير الداخلية التركي إفكان ألا، الرياض، والتقى نظيره السعودي الأمير محمد بن نايف، في زيارة رسمية، تناولت الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وعلاقات البلدين، بحسب وكالة الأنباء السعودية. ومن المقرر أن يزور قائد الجيش التركي، نجدت أوزال، السعودية لحضور اجتماع قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، حيث من المتوقع أن يلتقي عدداً من المسؤولين في المملكة، وعلى رأسهم الملك سلمان.

ومع أن المصادر التركية التي تحدثت لـ"الخليج أونلاين" لا تكشف أية تفاصيل حول أسباب زيارة الرئيس التركي إلى الرياض، أو المواضيع التي سيبحثها مع العاهل السعودي، فإن السياق الإقليمي قد يساعد في رسم المحاور التي ستستند إليها تلك الزيارة، والملامح التي ستتسم بها.

اتفاق واختلاف

تتطابق وجهات نظر أنقرة والرياض إزاء القضية السورية، ولا تخفى رغبة البلدين في إسقاط نظام الأسد، ويعدَّان، بالإضافة إلى قطر، الداعمين الأساسيين للمعارضة السورية.

كما يتفق البلدان حول ضرورة احتواء النفوذ الإيراني المتصاعد، والتخوف من طبيعة الاتفاق النووي الذي اقتربت الدول العظمى من توقيعه مع إيران، وهو الاتفاق الذي يتوقع أن يدخل إيران إلى الأسرة الدولية مجدداً، وفي جعبتها العديد من المكاسب السياسية، بفضل "التجاهل" الأمريكي المتعمد لسياسة طهران في المنطقة، أملاً بتخليها عن "الحلم" النووي.

توافق لم يكفِ، على ما يبدو، لقيام علاقة "حلف" بين البلدين، بل إن تطورات المشهد المصري، اعتباراً من 30 يونيو/ حزيران 2013، وجهت ضربة قوية لهذه العلاقة، ووأدت التحالف خلال ولادته، إذ تناقضت مواقف الطرفين من قيام الجيش المصري، بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، بعزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي.

فبينما دعمت السعودية، ومعها الإمارات والبحرين، عزل مرسي، بوصفه ناتجاً عن "ثورة شعبية"، وأيدت جميع الإجراءات التي اتخذها السيسي، لا سيما انتخابه رئيساً لمصر، عارضت تركيا خطوات الجيش المصري ووصفتها بـ"الانقلاب العسكري"، وهاجمت السيسي، بوصفه "قائد الانقلاب"، ما انعكس بروداً وجفاء على علاقات الرياض بأنقرة.

نفوذ مقلق

لكن النفوذ الإيراني المتغلغل في المنطقة، الذي يطوق الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، بات مصدر قلق عميق للمملكة، ففي حدودها الجنوبية، استطاع الحوثيون، حلفاء طهران في اليمن، السيطرة على صنعاء ومؤسسات الدولة، وفي الحدود الشمالية، أصبحت مليشيات الحشد الشعبي الشيعية، الموالية للحكومة العراقية ومن ورائها لإيران، ذات نفوذ وكلمة عليا في البلاد، في خضم الحرب على تنظيم الدولة.

وينتشر تنظيم "الدولة"، وهو أزمة جديدة في المنطقة، في معظم الدول العربية التي طالتها موجة الربيع العربي، وبات التنظيم يمثل ظاهرة عصية على التطويق، حتى مع قيام تحالف دولي مؤلف من 60 دولة بزعامة الولايات المتحدة بضرب معاقله ودك معسكراته المنتشرة في العراق وسوريا، ما قد يستدعي من المملكة تعاوناً جديداً مع دول متضررة أيضاً من هذه الظاهرة، كتركيا.

وبعد توقيع أنقرة اتفاقاً مع واشنطن حول برنامج تدريب وتجهيز المعارضة السورية، وهو البرنامج الذي سينفذ أيضاً على الأراضي السعودية والقطرية، يبدو أن تنسيقاً ما ستشهده الأيام القادمة، على الأقل فيما يخص الوضع السوري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!