ترك برس

تتباين آراء الخبراء والمحللين حول الخيارات التي تملكها تركيا من أجل تجاوز التوتر القائم في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية على خلفية إصرارها على شراء منظومة صواريخ للدفاع الجوي من روسيا.

ويرى تقرير في موقع الجزيرة نت، أن العلاقات التركية الأميركية دخلت في نفق مظلم بعد تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مضي بلاده في إتمام صفقة شراء منظومة الدفاع الصاروخية "أس-400" من روسيا، رغم مهلة الشهرين التي حددها البنتاغون لإلغاء الصفقة.

ووفقًا للتقرير، فإن التوتر بلغ ذروته خلال الأيام الأخيرة في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنع تركيا من تمرير الصفقة التي وقعتها مع روسيا نهاية العام 2017، مما أدخل أنقرة في مأزق المفاضلة بين موسكو وواشنطن.

ويرى مراقبون أنه مع قرب استلامها الدفعة الأولى من المنظومة الشهر المقبل، تسعى تركيا للبحث عن صيغة للخروج من هذا المأزق دون خسارة موسكو، خاصة أنها تعلم أن إدارة ترامب جادة في فرض مزيد من العقوبات على أنقرة حال الحصول على المنظومة.

وكانت واشنطن قالت إن المنظومة الصاروخية الروسية قد تقوض قدرات طائرات "أف-35" المقاتلة التي أبرمت بشأنها صفقة أخرى مع تركيا، وحذرت من عقوبات أميركية محتملة إذا مضت أنقرة قدماً في الصفقة الروسية.

وأعلن باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي أن بلاده ستحذف تركيا نهائيا "من مشروع مشتري مقاتلاتنا من طراز أف-35 في حال شراء أنقرة أنظمة أس-400 الصاروخية الروسية".

من جهته، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأن حكومته سترد إذا فرضت واشنطن عقوبات عليها بسبب الصفقة مع روسيا، دون الإفصاح عن أي تفاصيل حول طريقة الرد.

وانصبت التكهنات طوال الأشهر الماضية حول إمكانية لجوء أنقرة إلى تأجيل استلام المنظومة الروسية بذريعة وجود تأخير من الجانب الروسي أو "لأسباب تقنية"، في محاولة لتجنب عقوبات أميركية مبكرة ومحاولة التوصل إلى حل مع إدارة ترامب.

لكن مدير قسم منع انتشار الأسلحة في الخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف أكد لوكالة "سبوتنيك" أنه يجري حاليا تنفيذ عقد توريد أنظمة "أس-400" إلى تركيا، وأنه سيتم تنفيذها بدقة وفق الجدول الزمني المحدد.

كما أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن عملية تسليم المنظومة الروسية إلى تركيا سيتم تبكيرها، مما يؤشر على رغبة موسكو في عدم لجوء أنقرة إلى تأجيل الاستلام أو إلغاء الصفقة.

وفي هذا السياق، يعتقد الإعلامي التركي المقرب من الحكومة طه عودة أوغلو أن الرئيس أردوغان لن يتراجع عن صفقة "أس-400" رغم التهديدات الأميركية.

ويؤكد أن سبب عدم التراجع هو تردد واشنطن في حسم ملفات متعلقة بالأمن القومي التركي، مثل قضية استمرار دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى أن تركيا سددت الجزء الأكبر من قيمة الصفقة التي تقدر بـ2.5 مليار دولار.

ويرى الإعلامي التركي أن التعقيدات الراهنة في الأزمة التركية الأميركية المتصاعدة قد تتجاوز الخسائر الاقتصادية إلى الخسائر والامتيازات العسكرية الدفاعية واللوجستية التي تتمتع بها أنقرة.

ويضيف أن الصفقة حال تمريرها قد تؤدي إلى توترات واضطرابات في مسار العلاقة بين أنقرة وواشنطن، خاصة مع صعوبة التنبؤ بردود أفعال الرئيس ترامب.

وفي ذات الوقت، يعتبر عودة أوغلو أن استلام تركيا المنظومة دون تشغيلها وتفعيلها خيار وسط، لكن من الصعب توقع تجاوب الإدارة الأميركية معه، لا سيما أنه يتضمن إتمام الصفقة واستلام المنظومة وهو الجزء الأهم من الصفقة.

كما توقّع انخفاض حدة الموقف الأميركي إذا توصل الطرفان إلى توافقات على قضايا أخرى في مقدمتها الأزمة السورية والملف الإيراني، وهو أمر يبقى احتمالا قائما ولو بنسبة ضئيلة.

ويؤكد أوغلو أيضا أن تطورات الأزمة بين أميركا وتركيا وشكل العلاقات بينهما ستتضح معالمها مع نهاية المهلة الممنوحة من واشنطن.

وقبل أيام، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن بلاده أرسلت عسكريين إلى روسيا من أجل التدرّب حول استخدام وتشغيل المنظومة الروسية التي تقرر استلامها في يوليو/تموز المقبل.

وبحسب موقع "خبر 7" التركي، فإن صفقة "أس-400" تشمل نظامي تشكيل منفصلين يحتويان على أربع بطاريات، كل واحدة منها تضم تسع منصات إطلاق صواريخ، وكل نظام يحتوي على 72 صاروخا مضادا للطائرات والصواريخ، إلى جانب 48 صاروخا احتياطيا.

ولفت الموقع إلى أن المباحثات التفصيلية في أنقرة تجري حول مواقع نشر البطاريتين، حيث جرى حسم قرار نشر بطارية في العاصمة التركية، إما في قاعدة أكينجي الجوية أو منطقة أخرى على أطراف المدينة، بينما يتوقع أن توضع البطارية الثانية في محافظة أخرى.

والخيار الأول في هذا الإطار هو محافظة أضنة القريبة من الحدود السورية، حيث توجد قاعدة إنجرليك الجوية التي تضم قوات أميركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!